في تقديم الكتاب نقرأ « يدرس محمد الحداد في هذا الكتاب موضوع الإصلاح والنهضة بطريقة مبتكرة. فيكشف في القسم الأوّل عمليات التوظيف والتحريف التي لحقت بهذا الموضوع ويُفسّر دوافعها. ثم يقدّم في القسم الثاني معالم نظرية جامعة في الإصلاح الديني تتفاعل مع مكتسبات العلوم الإنسانية والاجتماعية وإشكالياتها ومفاهيمها. ثم يعود في القسم الثالث إلى الإصلاح العربي الإسلامي خاصّة فيطرح جملة من مسائله وقضاياه ويُسلّط عليها منهجه في الحفر التأويلي ليُمهّد لتاريخ جديد نقدي ومنفتح، لهذه الفترة الحساسة والمصيرية من التاريخ العربي الإسلامي. وتمثل هذه المحاضرات المجموعة في هذا الكتاب آخر ما توصّل إليه الباحث في موضوع اشتغل عليه أكثر من ثلاثين سنة ».
لقد شكّل مفهوم الإصلاح أحد أبرز المفاهيم المركزيّة الأساسية في الفكر العربي الحديث. ذلك إنّه شغل العديد من المفكّرين والمؤرّخين على اختلاف مشاربهم الأكاديمية، وذلك بحكم أنّ مفهوم خضع على مدار سنوات للفحص والنقد وراكم الباحثون على منواله سلسلة من الإنتاجات الفكرية. وغالباً حين تُطرح ثنائية الإصلاح والنهضة، فإنّ ذلك يقودنا مباشرة إلى رواد وزعماء الإصلاح في العصر الحديث مع كلّ من رفاعة الطهطاوي ورشيد رضا وعبد الرحمان الكواكبي وغيرهم من المفكّرين العرب الذين قاربوا موضوع الإصلاح وجعلوا منه مدخلاً لتأسيس فكرٍ عربي إسلامي يقوم على تشريح مفاهيم وقضايا ذات صلة بالمرحلة التاريخية التي عرفها القرن التاسع عشر. ورغم النسق المعرفي « المتشابه » الذي انطلقوا منه في صياغة مشاريعهم الفكرية تجاه مفهوم النهضة، إلاّ أنّهم قاربوا مفهوم الإصلاح من زوايا نظرٍ مختلفة تضع المفهوم في سياق مختلف.
