ويعد اللعبي في طليعة الكتاب المغاربة الأكثر تأثيراً في الآداب المغاربية. ذلك إنّ أعماله الشعرية اخترقت الحدود بحكم ما ظلّت تُضمره من اشتغالات مختلفة من ناحية التفكير والكتابة. كما أنّ زخم التجربة النضالية عند اللعبي قدّم لها إمكاناتٍ مذهلة على مستوى الذيوع والانتشار. فتجربته النضالية حاضرة في كلّ المحطّات الأدبيّة، بل إنّها تعتبر وقوداً لهذه التجربة التي اخترقت السياجات المغربية فأصبحت حرّة بأفكارها ومواقفها وأحلامها. غير أنّ اللعبي لم يجعل من قضيته وسيلة سياسية على حساب دواوينه ورواياته، بقدر ما جعل الانتساب إلى اليسار ومواقفه النضالية علامة وجودية عن مرحلة ما تزال تهجس بالأسئلة الحارقة حول الانتماء الهوية واليسار والديمقراطية وغيرها.
تتأرجح تجربة اللعبي بين الشعر والرواية والمسرحية والنقدية والرسم، فبين هذه الأجناس الأدبية يحاول اللعبي أنْ يرسم له أفقاً فكرياً يُعرّد به خارج السرب، بل سعى جاهداً منذ سبعينيات القرن الماضي على تكريس اسمه، بوصفه واحداً من الأعلام الأدبيّة المختلفة من ناحية الكتابة. فهذا التعدد يُضمر في ذاته حجم الأسئلة التي شغلت صاحب « يوميات قلعة المنفى » منذ السبعينيات. فأعماله المسرحية تعتبر امتداداً حقيقياً لأعماله الأدبيّة، إنّها بطريقةٍ ما وعي حقيقي بسُلطة النصّ المسرحي والإمكانات التي يُحقّقها على مستوى التعبير بالجسد وأحاسيسه.
نقرأ في غلاف العمل الجديد « يُخلخل ظهور المسرح في أعمال عبد اللطيف اللعبي هوية الأجناس الأدبية مُنتقلاً بها من وضعية الثبات إلى حالة الترنُّح، فاقتحام الشعر لمسرحه، أو اقتحام العنصر الشفوي لشعره، ينبعان من نفس الفرادة المعكوسة لتوسيع هوامش الإبداع الأدبي: فبمقدار ما تسعى مسرحة القول الشعري إلى تقريبه من الواقع، تهدف شعرنة النص المسرحي إلى إبعاده عنه، بجعله أكثر تحرُّراً من قيود الزمن ».