وجاء هذا إصدار هذا الكتاب كنوعٍ من الاحتفاء بسيرة الخمليشي النقدية ومكانتها داخل البحث النقدي بالمغرب، إذْ رغم كتابتها للشعر وممارستها للرسم، إلاّ أنّ تجربته النقدية أصيلة من حيث المنابع المعرفية وغنيّة بقيمتها النقدية. خاصّة وأنّ تجربتها النقدية لا يمكن اعتبارها نوعاً من المتابعة الإعلامية ولا حتّى قراءات نقدية، بل تحاول الخمليشي الحفر عميقاً في بنية لنصوص واستشكال القضايا وتأصيل المعرفة، بما يجعل كتابتها تتّخذ بعداً فكرياً من ناحية التفكير خارج النسق المألوف. لكنْ إلى جانب ممارستها النقدية، تحرص الخمليشي أنْ تبق أمينة للكتابة الشعرية وتوهّجها، إذْ تعمل دائماً على اصدار أعمال شعرية تحتفي بسيرتها وجسدها وأحلامها وأفكارها وذاكرتها الشخصية.
يقول الناقد الكبير محمد مفتاح « الباحث حورية الخمليشي لم تكن مقلدة للسلف وللخلف ممن تناولوا الموضوع لكنها كانت جريئة فناقشت وساجلت ثم اختارت ما رأته لتصورها: إذا كان للباحثة مزية استشكال ما يراه بعض الباحثين من البينات الواضحات، فإنها لها خصلة أخرى، هي الوعي بالصيرورة التاريخية وبالسيرورة العلمية فربطت المسببات والمعلولات بالعلل، في استدلال سليم وفي تعبير عربي مبين. وفي رؤيا بالاتصال وترفض الانفصال، سواء أتعلق الأمر بالانتماء الفني أم بالنسب الدموي. هكذا كانت أعلام الشعر من مشارق الأرض ومغاربها، فتجلى التعدد في الوحدة والاختلاف في التشابه، التعدّد والاختلاف، جنّبا الباحثة سحر النظائر والأشباه وإغراء البنيات المجردة المتعالية ».