يأكل الغَلة ويسبّ الملّة.. هل آن الأوان لمنع الفنان الجزائري الشاب بلال من الغناء في المغرب؟

مغني الراي الجزائري الشاب بلال

في 17/10/2024 على الساعة 13:30, تحديث بتاريخ 17/10/2024 على الساعة 13:30

فيديوأمام تصاعد موجة الغضب الشعبي في المغرب ضد الفنان الجزائري الشاب بلال، الذي أثار استياء واسعا بتصريحاته المسيئة والمتكررة للمملكة، تجد الدعوات لمنع مشاركته في الفعاليات الفنية المغربية دعما متزايدا. فبعد سلسلة من المواقف المثيرة للجدل، لم يعد حضور بلال في الحفلات المغربية مجرد موضوع فني، بل بات قضية رأي عام، حيث يطالب المغاربة بإبعاد هذا الفنان الذي يكنز الأموال من المغرب ولكنه لا يتوانى في الإساءة إليه حين يعود إلى بلده. فهل حان الوقت لإغلاق أبواب الحفلات المغربية في وجهه؟


بلال موفق، الشهير بلقب «الشاب بلال»، يُعد أحد أبرز مغنيي الراي الجزائريين الذين لديهم قاعدة جماهيرية كبيرة في المغرب، لكنه لم «يوفق» في استغلال شعبيته هاته لصالحه رغم ما يدعيه من «ارتباطه المتين» بالمغرب والمغاربة. فقد تورط في عدة مناسبات بتصريحات مسيئة للمغرب.

إساءات متكررة

رغم أنه كان أحد الأسماء التي تحظى بشعبية واسعة في المغرب، إلا أن الشاب بلال لم يتردد في إطلاق تصريحات مسيئة للمملكة، كان أبرزها خلال إحدى مقابلاته التلفزيونية في الجزائر عندما سُئل عن إمكانية حصوله على الجنسية المغربية مثل الشاب خالد.. فاندفع بتلقائية تنم عن عدم تحكمه في لسانه قائلا: «الجنسية المغربية؟ ماذا سأفعل بها؟ سأقبلها فقط إذا كانت ستمنحني كل شيء بالمجان».

كان ذلك في عام 2016، وقد أثارت هذه التصريحات غضبا عارما في المغرب وتسببت في «إبعاده» عن الحفلات المغربية لمدة ناهزت ثلاث سنوات، قبل أن يتم استدعاؤه مجددا لإحياء سهرة ضمن مهرجان «جوهرة» بمدينة الجديدة، صيف عام 2019، فوجدها مناسبة مواتية لتقديم الاعتذار للمغاربة عما سبق أن تفوه به في حق الجنسية المغربية.

وفي أواخر عام 2022، حين كان المنتخب المغربي يحصد إعجاب العالم بأسره بفضل الإنجازات البطولية التي حققها في كأس العالم لكرة القدم في قطر، أبى الشاب بلال إلا أن ينغص على المغاربة فرحتهم، بعد تصريحه خلال حلوله ضيفا على إحدى البرامج التلفزيونية الجزائرية، بأنه فضل أن يشجع منتخب «الديكة» في المونديال القطري، مبررا اختياره تشجيع الفرنسيين بعدم مشاركة المنتخب الجزائري في هذا العرس الكروي العالمي.

إلى جانب ذلك، أظهر الشاب بلال موقفا متناقضا حين رفض في إحدى حفلاته بمهرجان «موازين» حمل العلم المغربي، إسوة بالتقليد الذي دأب عليه جميع الفنانين الأجانب حين يعتلون منصات المهرجانات... هذا الرفض زاد من حدة الاستياء في أوساط الجماهير المغربية.

وعلى الرغم من اعتذاراته المتكررة في كل مرة يعود فيها لإحياء حفلات بالمغرب، إلا أن المغاربة يرون في تلك الاعتذارات مجرد وسيلة لإعادة فتح الأبواب أمامه في سوق الموسيقى المغربية التي تُعد من أهم مصادر دخله.

أكل الغلة وسب الملة: ازدواجية التعامل

منذ مساره الفني الذي بدأ عام 1996، ارتبط اسم الشاب بلال بأغاني الراي التي تنشر خطاب المظلومية من خلال انتقاء كلمات تدغدغ فئات معينة من الشباب، خاصة المدمين على استهلاك أقراص الهلوسة والساخطين على أوضاع الفقر والتهميش والحالمين بالهجرة إلى الضفة الأخرى...

وتكشف تصرفات الشاب بلال اتجاه المغرب والمغاربة عن ازدواجية واضحة؛ فهو يستفيد ماديا من إقامة الحفلات في المغرب، لكنه في المقابل لا يتردد في الإساءة للمملكة عند عودته إلى بلده. هذا السلوك وصفه المغاربة بمنطق « أكل الغلة وسبّ الملة »، حيث يظهر الفنان الجزائري تقديرا ماديا للمغرب بينما يسيء إليه في الوقت نفسه.

ومن بين أغانيه الشهيرة التي تجسد هذا النهج، أغنية « گاع نبغو الدراهم گاع » التي صدرت عام 2010، والتي تتناول حب المال بشكل جشع دون مراعاة للقيم الإنسانية، وهي رسالة تبدو وكأنها تعكس نظرة الشاب بلال للمغرب، إذ يسعى فقط وراء المال من خلال حفلاته في المملكة، دون احترام لعلاقات الأخوة والجوار التي تجمع البلدين.

إليكم كلمات الأغنية مع ترجمتها إلى اللغة العربية الفصحى:

گاع نبغوا الدراهم گاع (كلنا نحب المال)

كيف أنت ما شفنا جامي (لم نر مثلك أبدا)

أنت رُوسي يا بن عمي (هل أنت روسي يا عزيزي؟)

ما تعرف لا فامي لا آمي (لا تعرف لا عائلة ولا صديق)

أنت الضُورو هو باباك (الدرهم هو أبوك)

انت كي الذيب لي جاع (أنت مثل الذئب الجائع)

ما تطلق لا بقري لا غنمي (لا تفلت لا لحم البقر ولا لحم الغنم)

يا غير تمضغ تعرف كي تْهَمي (تأكل وتستولي على كل شيء)

أنت عمرك ما تقنع جامي (لن تقنع أبدا)

راك باغي تكملنا گاع (تريد أن تفنينا جميعا)

رانا نبانو لك گاع بقارة (ترانا جميعا أغبياء)

الناس تجري وأنت طيارة (الناس تكدح من أجل العيش وأنت تسبقهم جميعا)

أنت قافز علينا گاع (أنت شاطر علينا جميعا)

اعتذارات متكررة.. دون جدوى

رغم تقديمه للاعتذار خلال مهرجان «جوهرة» في 2019 بعد فترة من الغياب، إلا أن الشاب بلال عاد إلى عادته القديمة في إطلاق تصريحات مسيئة. ويبدو أن هذا الاعتذار لم يكن كافيا لاستعادة الثقة، حيث يعتبر البعض أنه يستغل الاعتذار فقط لإطفاء غضب الجماهير المغربية مؤقتا.

هو يعترف بأن غالبية قاعدته الجماهيرية توجد في المغرب، ومع ذلك يصر في كل مرة على الإساءة للمغرب والمغاربة، ويعتقد بأن تقديمه للاعتذار في كل مرة سيطفئ غضب المغاربة وبالتالي يفتح له المجال للاستمرار في كنز ملايين الدراهم من الحفلات والمهرجانات المغربية. في الحقيقة فإن هذا الفنان الجزائري يشترط على المنظمين تلقى « الكاش » بعملة الأورو، ليتأتى له جني ثروة كبيرة من الدينار الجزائري من خلال بيع الأورو في السوق السوداء (السكوار) بساحة بور سعيد بالجزائر العاصمة.

وبينما تتحدث بعض المصادر عن رغبة الشاب بلال في عقد ندوة صحفية لتوضيح موقفه أو تقديم اعتذار جديد، إلا أن الحملة الشعبية هذه المرة قد لا تتيح له العودة كما في الماضي. فرغم أن المغرب معروف بتسامحه مع من يسيء إليه، إلا أن الإساءة للجنسية المغربية، التي تُعد رمزا وطنيا مقدسا، ليست بالأمر الذي يمكن التغاضي عنه بسهولة. لذلك، يبدو أن محاولات الشاب بلال في إصلاح الأمور من خلال اعتذار آخر، لن تنفع هاته المرة، خاصة بعد أن قررت عدة جهات مغربية إبعاده عن فعالياتها الفنية.

دعوات إلى موقف حازم

تعبر الحملة العفوية التي شنها مغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي عن «الاستياء» من مواصلة المسؤولين عن التظاهرات الفنية المغربية استقطاب أسماء جزائرية للسهرات بمبالغ مادية مرتفعة، في الوقت الذي تعاني فيه مجموعة من الفنانين المغاربة من التهميش والإقصاء من مهرجانات وطنية.

ويرى مروجو الحملة أن المملكة يجب أن تضع حدودا واضحة أمام من يسيء لها، خاصة عندما يأتي الأمر من شخصيات فنية تستفيد ماديا من المغرب لكنها لا تتردد في إهانته عند العودة إلى الجزائر.

وبينما يفضل العديد من الفنانين الجزائريين الاستقرار في المغرب، مدافعين عن وحدته الترابية، رغم أصولهم الجزائرية، لإلمامهم بما يجري في الساحة، ونظرا للمعاملة الحسنة التي يتلقونها، فإن الجزائر تنهج سياسة العداء ضد المغرب، ولا تستدعي أي فنان مغربي لإحياء حفلاتها الرسمية وغير الرسمية، بل لا يتسع صدر النظام الحاقد على المغرب والمغاربة حتى لسماع أغاني مغربية في الإذاعات والتلفزات الجزائرية، مثلما لا تتساهل السلطات أبدا مع من يتجرأ على بث أغنية مغربية على الأثير ولو بالخطأ.

أمام هذه المعطيات، أضحى من الضروري اتخاذ موقف حازم تجاه الشاب بلال وكل فنان لا يحترم القيم والرموز الوطنية للمغرب. فاستمرار استضافته قد يعطي رسالة خاطئة حول التسامح مع الإساءة. إذ أن المسألة تتجاوز مجرد خلاف حول فنان، فهي تعكس موقفا مجتمعيا من التعامل مع من يسعى لتحقيق مكاسب مادية على حساب الاحترام المتبادل بين الشعوب.

وهكذا فإن موقف الشاب بلال يبدو استثنائيا ويؤكد على ضرورة إعادة النظر في استضافته مستقبلا.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 17/10/2024 على الساعة 13:30, تحديث بتاريخ 17/10/2024 على الساعة 13:30