على مدار سنوات، استطاع بيت الشعر أنْ يولي عناية خاصّة بالشعر المغربي على اختلاف أجياله وحساسياته. ذلك إنّه يؤكد سنوياً مدى نجاعته في تدبير الحياة الشعرية وفهم تحوّلاتها على شكل دواوين شعرية ودراسات نقدية وندوات وطنية وأيام دراسية وأعداد فصلية من مجلة البيت. وراهن بيت الشعر على الكتابة الشعريّة، بوصفها أفقاً ثقافياً به يضيء الحياة الثقافية ووجودها وانتماءها إلى الزمن المعاصر.
فأغلب الندوات واللقاءات التي ينظمها البيت، تتّخذ بعداً حداثياً، سواء على مُستوى الفضاءات التي تُنظّم فيها الأمسيات الشعرية أو الطريقة التي بها ينظر البيت إلى مفهوم الشعر وتحوّلاته الراهنة. خاصّة وأنّ البيت يُوازي بين التجارب الشعرية الجديدة ونظيرتها المخضرمة، إذْ يمزجها بطريقةٍ مُذهلة يُكسّر معها رتابة الجيل. سواء تعلّق الأمر من حيث المشاركات في الندوات أو عن طريقة الإصدارات التي يحتلّ فيها الشباب مكانة كبيرة من حيث الكمية والنوع.
على إيقاع أغانٍ مغربية تتراقص على أنغام موسيقية كلاسيكية، خطف بيت الشعر الأضواء في سينما النهضة بالرباط. وذلك من خلال عروضِ شعريّة تتخلّلها مقاطع تقديمية نقدية عاشقة للكتاب حسن مخافي. غير أنّ المُثير في اللقاء أنّ الحضور كان كبيراً ومميزاً ومن أجيال مختلفة. كما أنّ المقاطع الموسيقية المرافقة للقراءات الشعرية أعطت للقاء بعداً فنياً، جعل الشعر يتواشج بطريقةٍ جمالية مع الغناء.
وإلى جانب نماذج شعرية مكتوبة باللغة العربية الفصحى، حضر في اللقاء الشعري نماذج من القصيدة الزجلية المكتوبة بلغةٍ الكلام المحكي اليوميّ. هذا الأمر، أعطى للأعمال الأدبيّة المنشورة طابعاً التعدّد والاختلاف.
كما أنّ المميز في هذه الحديقة الشعريّة الجديدة، أنّها مزوّدة بالعديد من الأعمال الفوتوغرافية الأصلية للعديد من الفنانين المغاربة، وذلك بما يعكس التحوّل الجمالي بين الشعر والفوتوغرافيا.
ولم يقتصر اللقاء على تقديم الأعمال الشعرية فقط، بل أيضاً أصدر بين الشعر العدد الجديد من مجلة « البيت » ثم أعمال ندوة « الشعر والتاريخ » التي نُظّمت في مدينة فاس والتي أشرف عليها الناقد خالد بلقاسم، هذا بالإضافة إلى دراسة نقدية ساهم فيها مجموعة من الباحثين حول أعمال الشاعر الفلسطيني محمود درويش، بما يضمن حقّ المغاربة في الانتصار إلى السرديّة الفلسطينية، أمام ما تعيشه اليوم من قتلٍ وتعذيب.