ينتمي صاحب « العين القديمة » إلى الجيل الثاني من المشهد الشعري المغربي المعاصر إلى جانب كلّ من محمد بنيس وعبد الله راجع ومحمد بنطلحة وعبد الله زريقة. ذلك إنّ تجربة ممتدّة في الزمن وتنحت لها مكانة خاصّة في وجدان القارئ. بل يُعتبر الأشعري أحد الأسماء القليلة التي تحرّرت منذ بداياتها من النّمط الإيديولوجي الضيّق في تشكيل أفق القصيدة.
فجاءت الأعمال الشعرية اللاحقة عبارة عن نصوص تهجس بنوعٍ من التجريب الشعري القائم على الخلق والإبداع. ففي الوقت الذي بقيت فيه القصيدة السبعينية من خلال بعض نماذجها أمينة لهذا العنصر الإيديولوجي، حاولت قصيدة الأشعري أنْ تُفجّر ذاتها من الداخل وتبني إمكانات تخييلية جديدة، بقدر ما تُضمر جرح المرحلة، تحاول من جهة أخرى النزوع صوب التخييل الذي يُعتبر شرطاً أساسياً في الكتابة الشعرية.
وحسب دار نشر المتوسط « يواصل في ديوانه هذا، وفق دار نشره، « اشتغاله الرائق على قصيدة تنزع بقوة للانحياز إلى أفق الحرية، تلك القيمة التي لا يساوم عليها ولا يهادن بأمرها، وقد اختار لنفسه في هذا السبيل أن يقف في منطقة ليست مغرقة في اليومي والبسيط ولا في التجريد والبلاغة، إنما تلك التي تؤلف بين ذينك الأقنومين، فلا تنساق اللغة نحو مستواها التداولي، ولا تغيب في المتعالي والغامض؛ ذلك أن الانحياز لقضية الحرية لا يتحقق في الحياة فقط، بل في اللغة أيضا ».
تُضيف « في ديوانه الجديد هذا أخذت قصيدته على عاتقها مسؤولية شاقة وهي توسيع حيز الحرية في الكتابة، وكأنها، مع كل جملة شعرية، تتقدم خطوة في هذا الحيز! وقد دعّمت نفسها ببناء درامي يتصاعد شيئا فشيئا ليحقق توازنا هارمونيا بين اللغة والحياة، فبمقدار ما تتسع اللغة تتسع الحياة وتصان الحرية ».
نقرأ في الديوان الجديد:
« كان يمكنُ أن نَبقَى
في السَّلالمِ الأخيرة
ونُكملَ القُبلةَ التي بدأناها
لولا أنَّ أصواتاً ثقيلةً باغَتَتْنا
أصواتَ آباءٍ من عُهُودٍ سحيقة
وفُقهاء
وقُضاة
وجلَّادين
وها نحن
كأنَّنا نُريدُ القفز ».