ورغم أنّ المهرجان في دورته الأولى، لم يظهر إلاّ من خلال دورةٍ افتراضية، فإنّها كانت قادرة على لفت الانتباه بالنسبة لأهل السينما ومُتخيّلها. ذلك إنّ المهرجان عرض أفلاماً عالمية وكوّن صداقات أصيلة بين مخرجين ونقاد، وساهم بوعي في نشر ثقافة سينمائية قوامها الإبداع والابتكار. فالسينما المستقلة ليس عنوان حداثة مصطنعة، بقدر ما هي وعيٌ متأصّل في بنية تفكير إدارة المهرجان حول أهمية السينما المستقلّة اليوم في المغرب وضرورتها في القطع مع كل الأشكال السينمائية العامة الموروثة. إذْ ينطلق المهرجان من فكرة مفادها أنّ الواقع، لم يعُد كما كان، بل تغيّر بشكل كبير. وبالتالي، فإنّ هذا التحوّل الوجودي أثّر بشكل أقوى على علاقة المخرج الشاب بالآلة، بعدما أصبحت خفيفة وتتجول في هدوء بين الشوارع والأزقّة والممرات الضيقة التي كانت بعض النماذج السينمائية تُهمّشها.
يعتبر مدير المهرجان الناقد السينمائي حمادي غيروم، أنّ الغاية من تأسيس هذا المهرجان، تعود حصراً إلى ثورتها على مفهوم الإنتاج السينمائي، بعدما غدا المخرجون الجدد ينطلقون من قناعاتٍ شخصية تجعلهم يطرقون باب الإنتاج الخاصّ، من أجل تجاوز مفهوم الرقابة الذي تفرضه المؤسّسات الإنتاجية على المخرجين، حتّى لا يتجاوزون الخطوط والحواجز، لذلك تجد الوجوه الجديدة في الدعم الخاص قدرة مُذهلة على الإبداع والابتكار، بعيداً عن الدولة وشجون دعمها.
ومن جهةٍ أخرى، فإنّ المفهوم في نظر صاحب « الاقتباس: من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي » يُعدّ لبنة أساس من أجل تأسيس سينما مستقلة على مُستوى الإبداع، فرحية الإنتاج تُتيح إمكانات أيضاً على مستوى الإبداع وتقود الصورة صوب منعطفاتٍ تخترق فيها الشعاب وتسلك دروباً جديدة تقبض فيها عن مفهوم الزمن.