ربورتاج: تلقين الرباب الأمازيغي بطريقة علمية.. آلة النغم والشجن تعبر إلى عصر جديد

أستاذ يلقن طلبته دروس تعلم العزف على آلة الرباب بمعهد محمد زفزاف بالدار البيضاء

في 01/02/2025 على الساعة 14:07

فيديوفي أعقاب رحيل مايسترو الرباب الأمازيغي، لحسن بلمودن، الأسبوع الماضي، والذي كان أحد أبرز رواد العزف على هذه الآلة العريقة طيلة عقود، عادت إلى الواجهة مخاوف من اندثار هذا التراث الموسيقي الأصيل في حالة ما لم يستلم الجيل اللاحق المشعل من الخلف. إلا أن المشهد في معهد محمد زفزاف بالدار البيضاء يبعث على الأمل، حيث تشهد آلة الرباب إقبالا لافتا من قبل الطلبة والطالبات الراغبين في تعلمها بطريقة علمية وعصرية.

الرِّباب، الآلة الموسيقية ذات الوتر الواحد المصنوع من شعر ذيل الفرس، كانت حتى وقت قريب حكرا على الرجال، خاصة في المناطق الجنوبية للمغرب حيث تُعتبر رمزا فنيا وثقافيا. إلا أن المشهد بدأ يتغير مع انخراط عدد من الطالبات في تعلم هذه الآلة، مما يعكس تحولا اجتماعيا وثقافيا في نظرة المجتمع إلى الأدوار التقليدية للجنسين في الفنون.

تفاؤل بمستقبل الرباب

لحسن حطمات، عازف موسيقي وأستاذ متخصص في تعليم آلة الرباب بمعهد محمد زفزاف، أعرب عن تفاؤله بمستقبل هذه الآلة، واصفا إياها بـ«الفريدة» في عالم الموسيقى.

وقال حطمات، وهو أحد أشهر العازفين على الرباب إلى جانب المايسترو الراحل لحسن بلمودن: «الرباب ليس مجرد آلة موسيقية، بل هو جزء من هويتنا الثقافية. إن الإقبال المتزايد على تعلمها، خاصة من قبل الشباب والفتيات، يعطي أملا كبيرا في استمرار هذا التراث».

وأضاف حطمات أن تلقين الرباب يتم الآن بطريقة علمية ومنظمة، مما يسهل على الطلبة إتقانها، مشيرا إلى أن هذه الطريقة ساهمت في جذب المزيد من الراغبين في تعلم الرباب.

تجارب طلابية ملهمة

فاطمة تامزالت، إحدى الطالبات اللواتي التحقن بدروس الرباب، قالت: «لقد أثارتني هذه الآلة الموسيقية لكونها تبعث الفرح في النفس. لذلك قررت تعلم العزف عليها على الرغم من أنها كانت تُعتبر آلة رجولية».

وأضافت وهي تمسك برفق آلة الرباب بكلتا يديها: «جئت إلى هذا المعهد حيث يتم تلقينها بطريقة علمية، ليس لأصبح فنانة وإنما بهدف الاستمتاع فقط. وأدعو النساء إلى تعلم العزف على هذه الآلة لأن ذلك يدخل البهجة في النفوس».

من جهته، تحدث محمد أوبنعل، وهو أستاذ جامعي وصاحب مبادرة إدراج الرباب ضمن الدروس الموسيقية بالمعهد، عن بداية الفكرة قائلا: «كنت أحضر ابني إلى هذا المعهد لتعلم الموسيقى، ومن منطلق ولعي بالموسيقى الأمازيغية واهتمامي بآلات العزف، رغبت في تعلم العزف على آلة الرباب. لكني فوجئت بأنها غير متوفرة ليس هنا فحسب، وإنما في جميع المعاهد الموسيقية تقريبا».

وأضاف أوبنعل: «وهكذا شرعنا من خلال جمعية تماينوت وبالاتفاق مع العازف الأستاذ لحسن حطمات، وتنسيق مع إدارة المعهد ورئيس جماعة المعاريف، في إدراج آلة الرباب ضمن الدروس الموسيقية. نحن الآن في السنة الثانية، وقد تعلمنا حتى الآن عزف بعض الأغاني الخالدة لرواد فن تيرّويسا».

إحياء التراث الموسيقي الأمازيغي

تعد آلة الرباب من أقدم الآلات الموسيقية في المغرب، ولها حضور قوي في فن «الروايس»، الذي يعتبر أحد أبرز الفنون الموسيقية الأمازيغية. وقد ظلت آلة الرباب لقرون عديدة آلة النغم والشجن لدى سكان المناطق الجنوبية، حيث كانت تُستخدم في سرد الحكايات والقصص الشعبية.

ومع تزايد الإقبال على تعلم الرباب في الدار البيضاء، يبدو أن هذه الآلة العريقة ستستعيد مكانتها في المشهد الثقافي المغربي، ليس فقط كرمز للتراث، ولكن أيضا كأداة فنية قادرة على التعبير عن مشاعر الأجيال الجديدة.

تحرير من طرف ميلود الشلح و عبد الرحيم الطاهيري
في 01/02/2025 على الساعة 14:07