وقد جاء هذا الاحتفاء الثقافي وعياً من المترجم بقيمة شعر حسن نجمي في البحث عن شعرية خاصّة يستلهم فيها بعضاً من سيرته وذاكرته. سيما وأنّ نجمي واحد من الشعراء المغاربة الذين لم تقف تجاربهم عند حدود الشعر، بقدر ما وسعوا أفق الكتابة صوب جنس الرواية الذي تنزّل فيه حسن نجمي مكانة بارزة من خلال عمله « جيرترود ». وإذا تتبعنا قصيدة نجمي سنجد أنّها عرفت العديد من التحوّلات الجمالية الخاصّة، سواء على مستوى اللغة أو الصورة. كما أنّ التعدّد الأدبي الذي يعيشه نجمي في ذاته بين الرواية والنقد، يُساهم بشكل ضمني في إغناء التجربة الشعرية ويجعلها تجربة أصيلة وعالمة تُدرك بقوّة المفاهيم وخم النظريات ومدى تأثيرها على مفهوم الكتابة نفسها.
حين يكتب نجمي الشعر، فهو يتعامل مع الكتابة على أساس أنّها مختبر يرصد تحولات الواقع في علاقته بالذات. لهذا تُطالعنا قصائد نجمي باعتبارها تجربة مفتوحة على الذات، هنا تتحرّر الذات من سُلطة العقل ومن محاكاة الواقع لتُعطي قيمة كبيرة للجسد، لدرجةٍ تبدو فيها قصيدة نجمي وكأنّها قصيدة جسد بامتياز. لم تتوقّف تجربة نجمي عند الشعر ولكنّه أسّس لنفسه مشروعاً نقدياً عمل من خلاله على دراسة وتأمّل الشعر الشفهي الخاصّ بفنّ العيطة. ومنذ اللحظة التي صدر فيها كتاب العيطة برز نجمي بوصفها أحد أهم الباحثين الذي قاموا بالتنقيب في اللامفكّر فيه داخل التراث المغربي.