من الثورة البلشفية الروسية عام 1917 وأزمة 1929 والحرب العالمية الأولى والثانية وسقوط جدار برلين وانهيار المعسكر الاشتراكي الشيوعي وغيرها من الأحداث العامّة والجزئية التي طالت القرن العشرين، كان إدغار موران حاضراً بينها وشاهداً على أحداثها. إذْ رصد على مدار حياته تحوّلات البشرية مستعرضاً تحوّلات الكائن في علاقته بالعالم. وإلى حدّ الساعة يُعتبر صاحب « في الجماليات » أهمّ المفكّرين في العالم ممّن توفّرت لديهم ثقافة موسوعية جعلتهم يؤلّفون كتباً في موضوعات كثيرة. وهذا الأمر في حدّ ذاته يُعتبر قيمة كبيرة، في وقتٍ ينسحب فيه المفكرون إلى الوراء ويختفون وراء كتبٍ ليست كالكتب. في حين، يبق موران يقظاً ومندهشاً، صوب ما يجتاح العالم من بؤس ومآزق وحروب وويلات. وعمل موران في السنوات الأخيرة على توجيه نمط كتابته صوب تحليل هذه التحوّلات بكيفيات مختلفة من المقاربات العلمية.
ويأتي اختيار موران لإلقاء هذه المحاضرة وعياً من إدارة المهرجان بأهمية الرجل وقدرة على تفكيك الخطاب الاستعماري المُترسّب في بنية الأعمال الأدبية. سيما وأنّ شعار المهرجان يرتكز على التفكير في إفريقيا تاريخياً وحاضراً ومُستقبلاً. إنّها بطريقة ما وعي مُسبق بأهمية المرحلة التي تعيشها القارة في علاقة بالمغرب، وأيضاً طريقة لمناقشة الماضي الاستعماري من داخل الروايات والقصص والأشعار. وقد سبق لإدغار موران كتابة مجموعة من الدراسات التأملية في الأدب، مُبرزاً خصوصية بعض الأعمال وتماهيها مع ما يحدث في الواقع. وتبرز قيمة هذه المؤلفات، من مكانتها الاعتبارية من ناحية المنهج الذي يتبعه موران في سبيل البحث عن معنى لبعض الظواهر والإشكالات والقضايا التي تطال إفريقيا، اليوم وغداً.