بعد ظهر يوم مشمس جميل، توجهنا إلى شارع الزرقطوني، حيث يقع مبنى « ليبرتي » المهيب، شاهدًا صامتا على تاريخ الدار البيضاء، منذ بنائه عام 1951 على يد المهندس السويسري ليونارد رينيه موراندي. يوجد هنا، في الطابق السابع عشر مما كان في يوم من الأيام أحد أطول المباني في إفريقيا، المتحف الصغير لأحد المعالم الأثرية للثقافة المغربية: عبد الوهاب الدكالي.
يدعونا الفنان المحبوب من عدة أجيال من المغاربة والعرب لمتابعته في هذه الشقة الرائعة حيث عاشت العديد من الشخصيات الشهيرة، من جاك لوميجري دوبرويل إلى جان بيير ميليكام، مرورا بدينيس ماسون.
المكان غارق في التاريخ ولا يخلو من شعور معين أن يتجول المرء في ممراته وغرفه. لو فقط يمكنهم التحدث...
عاش عبد الوهاب الدكالي في هذه الأماكن لمدة 26 عاما قبل أن يقرر تحويل المكان إلى متحف. هنا، في هذا المكان المخصص لجمهوره المحبوب، يعتزم الفنان تكريم من صنعه ومن يعتبره واجبه: معجبيه.
في كل مكان في هذه المساحة العملاقة المزينة بحديقة معلقة وإطلالة خلابة على الدار البيضاء، تقدم الأشياء والأعمال نفسها إلى الأنظار، للإعجاب وتوقظ فينا حنينا لطيفا.
هناك، في ملجأ هذه النافذة، ساعات قدمها له العديد من الملوك، بما في ذلك واحدة على وجه الخصوص من قبل الملك الراحل الحسن الثاني. هناك أيضا مفاتيح فاس ومكناس وحتى نيوجيرسي سلمت بشكل رمزي للفنان المغربي.
هناك أيضا العديد من جوازات السفر المغربية باسم الفنان والتي تشهد على العديد من الرحلات حول العالم، والآلات الموسيقية والصور بالأبيض والأسود المتعلقة بالعصر الذهبي للثقافة المغربية، وكلاهما موسيقي وليس سينمائي. وبعد ذلك، عند منعطف الممر، غرفة صغيرة حميمة، أزياء مسرحية تحكي عن الأناقة التي كان الفنانون المغاربة يزينون بها أنفسهم، في مكان ما بين الستينيات والثمانينيات...
في هذا المتحف المفتوح للجمهور، أشاد العديد من الشخصيات بعبد الوهاب الدكالي في سجل الزوار. من أندريه أزولاي مستشار الملك محمد السادس إلى سفير جمهورية الصين الشعبية عبر القنصل العام للولايات المتحدة أو إسبانيا أو حتى وزير الثقافة محمد بن سعيد... وصول كل من هذه الشخصيات إلى هذا الفضاء وكذلك شهاداتهم المليئة بالإعجاب والمودة تشهد على الشهرة العالمية التي اكتسبها الفنان في جميع أنحاء العالم.
هذا المتحف، الذي يصر الفنان على أنه تكريم لهؤلاء المشجعين، سيضم أحداثا ثقافية: لقاءات أدبية وموسيقية، ومعارض فنية... وقريبا، ستكون هذه الجدران الغارقة في التاريخ مكانا لديناميكية جديدة للفن المغربي. تسليم نظمه ببراعة عبد الوهاب الدكالي الذي خطرت له فكرة هذا المتحف للتسجيل، بفضل شاب جاء مباشرة من بوسطن منذ سنوات عديدة.
طرقًا على باب عبد الوهاب الدكالي في يوم من الأيام، أراد أن يخصص كتابًا عن سيرته الذاتية للفنان. لكن بعد زيارة لوزارة الثقافة في الرباط، تفاجأ بعدم العثور على أرشيف أو وثيقة تشير إليها. بعد سنوات عديدة، بتشجيع من الأصدقاء المقربين، قرر عبد الوهاب الدكالي معالجة الوضع من خلال جمع ذكرياته في متحفه... ومن أجل هذا اللقاء تدين الدار البيضاء بميلاد هذا المكان الرائع اليوم.
المتحف الصغير لعبد الوهاب الدكالي:
مفتوح من الثلاثاء إلى الأحد: من 10 صباحا إلى 12:30 مساءً / 4 مساءً إلى 5 مساءً
السعر للجمهور: 95 درهم
لزيارة المتحف الحجز مقدما على الرقم التالي: 0522312024