أشرف الحساني يكتب: لماذا لا تُحبّون نورة فتحي؟

في 08/06/2024 على الساعة 19:30, تحديث بتاريخ 08/06/2024 على الساعة 19:30

مقال رأيوجّهت العديد من الأقلام الثقافيّة والصحفية المغربية نقداً لاذعاً للفنانة والراقصة نورة فتحي على خلفية عملها الغنائي الأخيرة الذي ارتأت أنْ تعطيه اسمها « نورة » والذي قام بإخراجه عبد الرفيع العبديوي عبر صُوَر مُذهلة تمتح أنفساها من التربة المغربية وتاريخها وذاكرتها.

لم ينتقد بعض المغاربة نورة فتحي فقط لأنّها قامت بالغناء بالإنجليزية، رغم أنّ الأغنية تمزج بين الإنجليزية واللهجة المغربية، بل لأنّها راقصة لكنّها تتنطّع إلى أنْ تصبح مغنية وربما مُستقبلاً ممثلة داخل الساحة السينمائية البوليوودية. يستغرب المرء كيف يُفكّر هؤلاء وكأنّ على الفنّان أنْ يظلّ سادراً في مكانه، مُنغمساً في تخصّصه وهائماً في أشكاله التعبيرية، دون أنْ يٌفكّر في ضرورة اختراق سياجات هذه الأشكال والعمل على توسيع أفق اشتغاله الفنّي من خلال أشكال تعبيرية أخرى. ورغم أنّ الأغنية مقبولة من حيث الأداء الغنائي وتحظى إلى حدود الساعة بمشاهدات عالية على السوشل ميديا، إلاّ أنّ البعض واصل هجومه غير المؤسّس على معرفة بأحوال الأغنية وتضاريسها وجمالياتها وكيف عملت نورة فتحي رفقة المخرج عبد الرفيع العبديوي على استلهام التراث المغربي بكلّ روافده ومؤثراته وجمالياته داخل الفيدوكليب.

إنّ الذين انتقدوا نورة فتحي وعملها الغنائي الجديد « نورة » ليسوا نقاد فنّ وليس لهم ذرّة من المعرفة الفنّية ولا يملكون حسّاً ولا جمالاً، لكنّهم أشخاص يفتقرون إلى الخيال ويعانون من فقر دم الإبداع، لأنّهم تعاملوا مع الأغنية وفق نظرةٍ أخلاقية متعالية تحتقر الفن والإبداع.

أصبحت نورة فتحي تحتلّ مكانة كبيرة وبارزة داخل المشهد الفني الهندي. ذلك إنّها شاركت في العديد من الأفلام الهندية كراقصة وكممثلة وأصبحت من الوجوه المغربية التي تخترق الفضاءات العالمية. كما أنّ مشاركتها في أغنية مونديال قطر أعطتها صبغة كونية بقدر ما تنتمي إلى فضاء العالمية، تظلّ متشبّثة بجذورها العربية عموماً والمغربية على وجه الخصوص. في مقابلاتها الإعلامية المحدودة تكشف نورة فتحي الألم الذي عانت منه في سبيل البحث عن حياةٍ جديدة لها داخل الساحة البوليوودية المليئة بالمواهب النادرة التي يصعب معها على أيّ فردٍ من العالم العربي أنْ يفرض تجربته الفنية، إذا لم يكُن حقّاً موهوباً، سواء في الرقص أو الغناء أو التمثيل.

من انتقدوا نورة فتحي يُريدون أنْ يعودوا بالمغرب إلى الوراء وإلى أغاني لم يعُد أحداً يستمع إليها، إنّهم يريدون أنْ يفرضوا أذواقهم المعطوبة على الناس ويجعلوها أفقاً لأذواقهم تحت ما يُسمّى بـ « الفنّ النظيف » الذي يبق مجرّد بدعة عائمة في الأخلاق لا أكثر.

« نورة » أغنية جميلة في إيقاعها ومدهشة في صُوَرها، إنّها تُظهر عشق الفنانة لبلدها وإيمانها القويّ بأهمية جذورها التاريخية وقيمتها في صياغة ملامح غنائية مغربية مطبوعة بالكونية وقادرة على أنْ تجد لها حيّزاً داخل صناعة الأغنية في العالم ككلّ.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 08/06/2024 على الساعة 19:30, تحديث بتاريخ 08/06/2024 على الساعة 19:30