أشرف الحساني يكتب: ثقافة التقليد

في 23/11/2024 على الساعة 18:30, تحديث بتاريخ 23/11/2024 على الساعة 18:30

مقال رأيتبدو الثقافة المغربية اليوم وكأنّها تعيش على ماضي أجدادها، فبعدما تحوّلت الثقافة المغربية خلال السبعينيات من كونها ثقافة مبنية على الإنتاج والإبداع والابتكار، إلى أنْ أصبحت عبارة عن ثقافة هي في مُجملها مؤسسة على الترفيه.

يُنظر إلى الثقافة اليوم على أساس أنّها مجرّد إكسيسوار تجميلي للأجندات السياسية، بحيث لا يتم الإيمان بها على أساس أنّها مشروع ثقافي قادرٍ على التأثير في المجتمع. ذلك إنّ الثقافة اليوم أصبحت عبارة عن صناعة معاصرة تُحقّق نهضة اقتصادية قوية بالنسبة للبلدان التي تُؤمن بالثقافة ودورها في خلق نوع من البنية الاقتصادية الجديدة. إذْ على الرغم من هشاشة الوسائل الإنتاجية خلال سبعينيات القرن العشرين، كان المثقف خلال تلك الفترة يمتلك القدرة على التأثير في المجتمع، انطلاقاً ممّا كان يبتدعه من أفكار وما يرصد من قضايا وإشكالات ذات صلة بالمجتمع ويومياته.

بل كان المثقف موجوداً في السياسة والمجتمع والإعلام يُدافع عن القضايا العادلة وينتقد البلاهة ويُفكّك أعطاب المجتمع وأهواله. كما كان يسعى دائماً إلى احترام نفسه، انطلاقاً ممّا كان يبدعه من أفكار ومفاهيم ذات صلة بالتحرّر والحداثة. في حين تبدو ثقافتنا اليوم مبنية على نوع من الاستلاب الثقافي للغرب، بحيث أنّ أغلب المؤلفات تفتقد إلى خصوصيات مغربية وإلى قدرات ذاتية من ناحية التفكير والكتابة، مادامت نسبة كبيرة من الكتاب عبارة عن مقولات ونصوص تنتمي إلى الثقافة الغربية وعوالمها، في غياب تام لمُختلف أشكال التفكير الذاتي.

وإذا عُدنا إلى المرحلة السبعينية سنجد أنّها المرحلة الأكثر ازدهاراً في الثقافة المغربية من ناحية الأعمال الأدبيّة والأعمال التشكيلية والسينمائية. بحيث برزت العديد من الأعمال الأدبيّة المُؤثّرة بفكرها وشكلها ومُتخيّلها، انطلاقاً مما كانت تقترحه من مفاهيم أدبيّة بدت في زخمها قريبة من المجتمع المغربية وذاكرته. وتُعتبر بعض المؤلفات الأدبيّة والفكرية بمثابة مراجع أساسية للثقافة المغربية الحديثة، إذْ أنّ الباحث يجد نفسه أمام هذه الكُتب المرجعية التي تُمثّل مدخلاً حقيقياً لفهم الثقافة المغربية واستيعاب أفكارها وأعلامها ومدى تأثيرها في الراهن الثقافي. والحق أنّ هذه المرحلة رغم ما شهدته من واقع سياسي مُضطرب، فإنّها ساهمت في تأسيس ثقافة مغربية استطاعت أنْ تُبلور فكراً حداثياً استطاع أنْ يخترق الحدود والسياجات داخل البيئة المغربية وأنْ يُؤسّس لنفسه أفقاً مغايراً أكثر ارتباطاً بالواقع الثقافي المغاربي وتحوّلاته.


تحرير من طرف أشرف الحساني
في 23/11/2024 على الساعة 18:30, تحديث بتاريخ 23/11/2024 على الساعة 18:30