وقد عرف المهرجان حضور ثلة من المثقفين من عالم الأدب والمسرح والسينما، بما جعل المهرجان يحمل بعداً ثقافياً ينأى بنفسه عن باقي المهرجان الأخرى. فهذه الحمولة الثقافية تُعتبر أحد أبرز السمات البارزة التي باتت تُظلّل سيرة هذا المهرجان. فوجود أهل الثقافة نادر في المهرجانات السينمائية المغربية. وقد جاء اختيار الدارالبيضاء كفضاء للمهرجان لم يأتي اعتباطياً بل انطلاقاً من دوافع فكرية تعطي قيمة لهذا المهرجان الذي يحتفي بالمدينة في قلب منطقة المعاريف. ويحرص هذا المهرجان على تقديم الأفضل من الناحية السينمائية، بعدما اختار المهرجان أبرز الأفلام العالمية غير الموجودة في كان ولا برلين ولا فينيسيا، أيْ أنّ الأعمال المعروضة تحظى بقيمتها من ناحية العرض والاختلاف.
وتعتبر هذه الدورة الثالثة متقدّمة من ناحية الأفلام، إذْ تطرح الكثير من الأسئلة التي يمتزج فيها المحلي بالعالمي، لكنّهما يلتقيان في موضوع الإنسان. إنّ ميّز افتتاح هذه الدورة هو حرص المهرجان على تقديم سينما مختلفة ومغايرة. سينما تنتصر للقيم العادلة وإلى الإنسان وتدفع المتلقي إلى طرح أسئلة حقيقية ذات صلة بالجسد والذاكرة والسياسة وغيرها. لهذا يعتبر مدير المهرجان حمادي غيروم أن ما يميز هذا المهرجان، هو رهانه على مفهوم النظر وعلى تحويل عملية المشاهدة إلى تفكير في الفيلم وميكانيزماته. هنا يغدو الفيلم بمثابة مختبر بصريّ قادرٍ على طرح الأسئلة الفكرية ومقاربتها بنفس سينمائي مختلف.