هذه المغارة، التي تعد واحدة من أقدم وأعمق المغارات المكتشفة في شمال إفريقيا، والواقعة بجماعة باب بودير بإقليم تازة، تمثل معلما طبيعيا وتاريخيا فريدا يروي قصة الإنسان القديم وتطور الحياة في المنطقة، بعد أن اكتشفت في ثلاثينيات القرن الماضي على يد فريق من الباحثين الجيولوجيين. وفضلا عن تكويناتها الكلسية المعقدة، التي تمتد حوالي 500 درجة نزولا نحو أعماقها، تتميز المغارة بموقعها الاستراتيجي على مشارف سلسلة جبال الريف المغربية، داخل منطقة جبلية تزخر بتنوع طبيعي وجيولوجي استثنائي.
أشغال إعادة تأهيل مغارة فريواطو، التي تندرج ضمن مشروع ترميم شامل، تحت إشراف الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع التابعة لمجلس جهة فاس-مكناس، بصفتها الجهة المفوضة، تهدف إلى جعلها جاهزة للاستغلال السياحي والعلمي في أقرب الآجال بعد سنوات من الإغلاق إثر حادثة وفاة إحدى الزائرات، وقد بلغت هذه الأشغال اليوم مراحلها النهائية، التي تشمل استكمال مختلف التدخلات التقنية والإنشائية الضرورية تمهيدا لإعادة فتح المغارة أمام العموم.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر مسؤول من الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، في تصريح لـLe360، أن إنجاز الجزء الأكبر من عمليات التأهيل، التي انطلقت في دجنبر 2023، قد اقتربت من الانتهاء، بميزانية إجمالية تفوق 12 مليون درهم.
وشملت الأشغال، التي تمت على عمق يصل إلى 270 مترا وطول 3 كيلومترات، تأهيل مدخل المغارة وتثبيت المناطق غير المستقرة من خلال عمليات حفر دقيقة، إلى جانب توسعة وتجديد الممرات الداخلية، وتزويدها بنظام إنارة عصري يراعي خصوصيات الموقع الطبيعي.
أشغال ترميم وإعادة تأهيل مغارة «فريواطو» التاريخية بتازة بتازة تصل مراحل متقدمة
وأوضح المسؤول ذاته أن المرحلة المتبقية من المشروع تهم تهيئة محيط المغارة وتحسين الولوجيات، وإحداث موقف خاص بالسيارات، مع الالتزام بمعايير السلامة البيئية واحترام الطابع الجيولوجي الفريد للموقع، حيث تندرج هذه الأشغال ضمن استراتيجية الجهة الرامية إلى تثمين المؤهلات السياحية والطبيعية لإقليم تازة، لاسيما في ما يتعلق بالسياحة الجبلية والاستغوار، مع إغناء الرصيد الثقافي والعلمي والتاريخي والأثري للمملكة.
ومن المتوقع أن تسهم إعادة فتح مغارة فريواطو في جذب الزوار والباحثين على حد سواء، إذ شكلت، قبل الإغلاق، وجهة رئيسية للمهتمين بالجيولوجيا والأنثروبولوجيا والباحثين في التراث الطبيعي، كما كانت تستقبل سنويا نحو 10 آلاف زائر مغربي وأجنبي، ما يعزز مكانتها كرافد أساسي لتنشيط السياحة بالإقليم وخلق دينامية اقتصادية جديدة على مستوى الجهة.









