يأتي هذا الاحتفاء في المغرب بالكاتب العراقي شاكر نوري في كونه أحد الأسماء الأدبية الهامة التي تكتب الرواية بوعي مختلف وتحاول من خلال هذا الجنس الأدبي أنْ تقبض عن بعضٍ من ملامح هذا الواقع. فالمغرب طالما كان صديقاً للكتاب العرب فمنذ سبعينيات القرن الماضية استطاع مدن مثل طنجة والدار البيضاء والرباط ومراكش وغيرها من ربط الصلة ببلدان عربية كانت فيها الثقافة تحتلّ ركيزة أساسية داخل مشهد سياسي ظلّ فيه اليسار يلعب دوره الكبير من الناحية الثقافية.
من ثمّ، فإنّ استضافة صاحب « نافذة العنكبوت » يُشكّل امتداداً عميقاً لهذه الصداقات الثقافية التي امتدت على مدار سنوات طويلة وكان لها بهجتها وتأثيرها على الثقافة المحلية. ففي هذا اللقاء سيعمل الكتاب والنقاد على تشريح تجربته الأدبية وفهم المنطلقات المعرفية والجمالية التي تؤسّس مسارها الأدبي. مع العلم أنّ تجربة شاكر نوري لم تتوقّف عند الكتابة الروائية، بقدر ما وسّع أفق التفكير والتخييل صوب أجناس أدبية أخرى مثل النقد والرحلة، بما جعله يعيش تعدداً أدبياً في ذاته إلى جانب حوارات كبيرة أنجوها مع نخبة من كتاب الأدب الفرنكفوني وصدرت في كتاب بعنوان « منفى اللغة » عام 2011.
لكنْ إلى جانب تجربة الأدبية التي ساهمت في بروز روايات من قبيل « نزوة الموتى » و »كلاب جلجامش » و« شامان » و »المنطقة الخضراء » و »مجانين بوكا » و »جحين الراهب » سيتصدى الكتاب والنقاد إلى تجربته التشكيلية والاحتفاء بعوالمها الفنية ومدى تقاطعاتها مع مؤلفاته الأدبية التي جعل فيها من العراق مسرحاً لتشريح الواقع حتّى وإن كان يعيش في باريس مدة تفوق ربع قرن، حاول فيها نوري أنْ يكون الصوت العربي في المنفى الذي عمل على خلق جدل بكتاباته وأعماله ومحاورة كبار الأدباء الفرنكفونيون في فرنسا وخارجها.