يطرح غاليم في مستهل كتابه سؤالاً علمياً حول « لماذا نقتصر في وصف الأحداث الحركية لغوياً على ذكر مكونات محددة كاالكيان المتحرك وكيفية حركته ومساره؟ ونميل إلى ذكر هدف الحركة عوض مصدرها؟ وتفسير الأعمال بأهداف منفذها؟ وترتيب الفاعل/ المنفذ قبل المفعول/ الضحية؟ لماذا نميز المعدود من الكتلة؟ ونستعمل نفس الكلمة للدلالة على الأداة وعلى وظيفتها أو على كيان طبيعي وعلى مصدره أو على ثمرة الشجرة وعلى الشجر نفسها؟ تشكل محاولة إجابة مثل هذه الأسئلة المتعلقة بتصورات كلية مبنية في معاجم اللغات ودلالتها وبنياتها الصرفية التركيبية موضوع هذا الكتاب. هل تعود هذه التصورات إلى اللغة، كما كان الاعتقاد قديماً وما زال إلى حد كبير أم تعود إلى أصول غير اللغة فتُعبّر اللغة بذلك معلولة وليست علة؟ »
ويرى صاحب الكتاب بأنه يدافع « عن أن مثل هذه التصورات تنبع أساساً من أشكال الفكر غير اللغوي المتأصلة في أنساق تصورية فطرية قديمة في تاريخ الإنسان التطوري، تسبق اللغة لدى الرضيع البشري وتعبر عن نفسها مبكراً في الشهور الأولى من تطوره وتشكل جزءاً لا يتجرأ من عدته الأحيائية في التفاعل مع المحيط ويشترك فيها الإنسان وكائنات حيوانية أخرى. إنها أنساق المعرفة النواة، وهي مجموعة قليلة من الأنساق التصورية التي لا تعتبر مخرجا لعمليات التعلم، بل يحدد لهذه العمليات يفرض قيوداً على كيفية إدراكنا للعالم وتفسيره سببياً وامتسابنا للغة. أننا نولد بها وترافقنا طول حياتنا في بيئتنا التصورية واللغوية ولذلك فهي فعلاً تصورات نحيا بها ».
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا