قدم هذه الترجمة الأستاذ نزار التجديتي، ومما جاء في هذا التقديم: « مهما كان تقديرنا للقيم المركزية والطائشة وتقييمنا للمعايير العرقية البغيضة التي تسند انطباعات جورج مومبار السلبية عن المغاربة وارتساماته السّاخرة عن مغرب ما قبل الحماية، فإن رحلته لا تنقصها مع ذلك ملامح من الجدة والأصالة وتطبعها المتعة والفائدة. إذ يوثّق هذا الرسّام الموهوب ويخلد، بالخبر والرسم والصّورة السردية، معالم ومشاهد ووجوها وسلوكيات وأنماط حيوات وحركية اجتماعية وعوالم بادت واندثرت.
كما يضيف مؤلف الكتاب بعض « اللمسات والخطوط والأطياف الجديدة إلى الصورة الاستشراقية المعتادة التي كوّنها الرحالة الأوروبيون عن المغرب السلطاني بقدر ما يحدّد بشكل أوضح وأفظع صورة الناظر الغربي منكفأً على مرآته المركزية المحدّبة ومكتفياً بمنظوره الامبريالي السّائد. ولذلك، لا تخلو ترجمة هذا العمل من منفعة للقارئ العربي وغير العربي في الحاضر، وميزة لمؤرخ الذهنيات الفردية والمخاييل الجماعية، وأهمية للمقارَني الذي يحلّل بأناة وموضوعية الصور الثقافية عن الآخر في أبعادها الأدبية والإيديولوجية والتاريخية ».
جدير بالذكر أنّ بوشعيب الساوري، يُعدّ من النقاد والباحثين المغاربة الأكثر عناية بأدب الرحلة. بحيث استطاع على مدار سنوات أنْ يغدو من الأسماء النقدية الهامة التي تكتب وتفكر في هذا النوع من الأدب وفق طريقةٍ مختلفة، تجعله يقبل على تقديم دراسات وازنة في تشريح هذا الأدب وإبراز جمالياته وتقديمه بأشكال مختلفة، تارة من خلال دراسات وتارة أخرى من باب الترجمة.