تأتي أهمية هذا الماستر الكلاس في كونه يطرح سؤالاً جوهرياً حول غياب ثقافة الحلقة، باعتبارها مختبراً بصرياً قوياً قادراً على ابتكار أشكال فرجوية مسرحية، انطلاقاً من أشكال شعبية. ذلك إنها قادرة كنموذج للمسرح الشعبي أنْ تجترح أفقاً فنياً مغايراً يستوعب طبيعة تحولات النص المسرحي المعاصر. فالحلقة بسبب حداثتها وتلقائيتها وفساحة الفضاء الذي تشتغل داخله، تبقى من الأشكال التعبيرية القادرة على احتواء المفاهيم والأفكار والمواقف، إنّه تجمع هذه العناصر وفق خلطة شعبية يمتزج فيها الكلام بالحركة. إنّ الحلقة نظام فني شعبي وشكل فرجوي حداثي يجعل « الحلايقي » بمثابة ممثل مسرحي يتدفق بالحكي والمشاهد الكوميدية أمام الناس. ومقارنة بالمسرح فإنّ الحلقة تنعدم فيها الحدود والسياجات بينها وبين الناس لدرجةٍ قد يغدو فيها المتفرّج ممثلاً مشاركاً عن طريق تعليق أو حوار مع صاحب الحلقة. هذا الشكل التلقائي للحلقة جعلها على مدار سنوات تبني شرعيتها من الفضاء المعيشي الذي تنتمي إليه وجودياً.
يلعب هذا الماستر كلاس دوراً ثقافياً يساهم في التعريف بهذا الفنّ الذي يتراجع الاهتمام به إلى الوراء يوماً بعد يوم. وبالتالي، فإنّ ابتكار مهرجان وطني للحلقة بإمكانه المساهمة في تسليط الضوء على هذا الشكل الفنّي والدفع به إلى الأمام من أجل التداول والذيوع. وهي الطريقة الأفضل للحفاظ على الحلقة ودراستها وتوثيق تجاربها والتعريف بهم على أساس أنهن فنانين شعبيين قادرون على نسج أواصر صداقة مع جماهير تحبهم وتعشق حكيهم وقصصهم في ليالي الحلقة.