وحضر الجنازة عدد من أصدقاء الراحل ممن جمعهم عشق الفن، بحيث بدت عليهم مسحة من الحزن والألم وهم يُودّعون الراحل بكلمات تُضمر حجم الألم الذي خلّفه لحسن زينون في أجسادهم مثل محمد الشوبي ومحمد التازي وكمال كمال وسعد الشرايبي وحسن بنجلون وموليم العروسي وسعيد منتسب وثريا الحضراوي ومحمد مفتاح ونور الدين عيوش وعبد الإله الجواهري وغيرهم من الشخصيات الأدبية والفكرية والسينمائية التي شيعت بحضورها جنازة لحسن زينون في جو من الحزن الذي خيّم على لحظة الدفن.
وهكذا، اعتبر المخرج سعد الشرابي، في تصريح لـLe360، أنّ المغرب يفقد اليوم علماً من أعلامه، يتعلّق الأمر برجل طالما استفاد منه البلد كثيراً في مجال الفنون. إذْ رأى الشرايبي أن الرجل جمع بين الرقص والإخراج السينمائي والكتابة والرسم وإلى هذه اللحظة ظل لحسن محافظا على اشتغالاته المكثفة، لدرجة أنه كان ينوي تحويل كتابه «الحلم المحظور» إلى فيلم سينمائي. «ومن ميزاته الأخرى أنه متشبث بأفكاره وله ثقة كبيرة بالعمل الذي يقوم به بحيث أن التجديد الذي قام به منذ 30 سنة على مستوى تجديد الرقص الشعبي المغربي والدفع به إلى أن يغدو رقصا معاصرا ظل يدرس في دول أخرى. فقد عثر في نظر صاحب «عطش» على «خيط ناظم بين أنواع الرقص ما جعله يعطي مجموعة من النتائج. كما أن لحسن لم يكن عنده أي مشاكل مع الناس لكونه دائما مسالما وله روح طيبة يقبل فيها انتقادات الناس إليه».
أما محمد الشوبي، الذي بدت ملامح التأثر واضحة على وجهه، فقد اعتبر أنّ «لحسن زينون من طينة الكبار. ابن الشعب وابن هذا البلد وابن هذه الحضارة. لحسن زينون فنان متعدد بين الرسم والسينما وتدريس الرسم للشباب ومخرج لعدد من السهرات الكبيرة حول الفن الشعبي». لهذا اعتبر الشوبي «أننا فقدنا رجلاً كبيراً.. الله يرحمه. لقد التحق زينون بمجموعة من الصدقاء القدامى مثل نور الدين الصايل وأحمد حرزني وغيرهم ممن كانوا قريبون منه».
من جهته، أكّد عبد الإله الجواهري بأنّ الراحل «من الأسماء المغربية الكبيرة والأكثر شهرة على مستوى العطاء والحضور والأخلاق. أما مساره الفني فهو غني عن التعريف كمصمم رقصات ومخرج لعدد من الأفلام السينمائية القصيرة منها والطويلة وغيرها من الأعمال التي استثمر فيها التراث بطريقة ذكية ومعاصرة. أما كإنسان فإن زينون رجل أنيق في أفكاره وعلاقاته وحكيم في تواصله مع الآخر».
جدير بالذكر أنّ الراحل اشتغل مع كبار الكوريغرافيين في العالم، بعدما حصل على أوّل جائزةٍ له عام 1964. ومنذ تلك اللحظة اشتهر زينون برقصاته في العالم ككلّ. إذْ قام بتصميم العديد من الرقصات في أفلام سينمائية عالمية، بحيث صمّم مجموعة من الرقصات في أفلام مارتن سكورسيزي وبرناردو برتولوتشي وسهيل بنبركة وغيرهم. لكنْ ذهاب زينون صوب العالمية، راجع إلى الطريقة التي بها نظر إلى التراث المغربي وحاول تفكيكه ورصد في عشرات من الرقصات التي تُعبّر عنه وعن ذائقته الفنية. إنّ النّظر إلى التراث بطريقة تفكيكية، يُعتبر آلية من آليات التجديد في سيرة زينون، بحكم أنّه اعتمد على عشرات من الرقصات المغربية وجعلها تنفتح على الفنون المعاصر.
في كتابه الأخير «الحلم المحظور» الذي صدر مؤخراً، يحكي زينون سيرته الفنية واللحظات العسيرة مرّ منا في سبيل تكريس هذا الفنّ. كلّ هذا في وقتٍ كان فيه المغرب وما يزال يرزح تحت عادات وتقاليد لم تُشجّع المؤسّسات على اعتماد الرقص كطريقة لتحرير فنوننا المعاصرة كما هو الحال في الفنّ الغربي. فقد تعامل زينون مع التراث بطريقة فكرية مكّنته من اختبار قُدرات هذا الموروث على منحنا مزيداً من المتعة، بطريقة تجعلنا لا ننفصل عن تاريخ أجدادنا، لكنْ في الآن نفسه، نتطلّع بعنفوان لرؤية مستقبل هذا التراث في علاقته بالفنون المعاصرة. يرى لحسن بأنّه في صغره اكتشف كافّة الرقصات المغربية وشعر بفلسفتها وما يُمكن أنْ تمنحه لنا من مسرّات ينبغي معرفة كيف التعامل معها على مُستوى التحديث.