ويأتي هذا الحفل على خلفية ألبومهما الغنائي الأخير « موشحات » حيث عملت إلى جانب جون مونتيرا على خلق تواشجات فنية بين رهافة الكلمة وجاذبية الإيقاع. ويُعتبر هذا اللقاء فريداً من نوعه لأنّه يضعه الأغنية على حافّة التحديث، بل يقودها بشكل مُضمر إلى التخلّي عن ممارساتها الفنية القديمة، صوب أفق جمالي تغدو فيها الكلمة نداً للآلة الموسيقية. هذا التقاطع الفني يُعدّ ميسماً للحداثة وصناعتها. خاصّة وأنّ المطربة ثريا الحضراوي، تُعدّ أهم الوجوه الفنية جدّدت الأغنية من خلال وضعها في قالب الموسيقى المعاصرة، بطريقة تجعلها تنتمي إلى زمنها الحداثي وتحوّلاتها الراهنة.
وتجدر الإشارة، أنّه إلى جانب غناء الملحون تُمارس الحضراوي فعل الكتابة منذ أواخر السبعينيات من خلال عملها المبكر في الصحافة المغربيّة الصادرة بالفرنسية وأنجزت العديد من الكتب والتحقيقات والمقالات. لكنّها فضّلت الاشتغال في مجال الغناء بسبب صوتها وموهبتها في أداء قصائد شعريّة وتحويلها إلى أعمال غنائية باقية في ذاكرة الناس ووجدانهم. وهذا الأمر، جعل الحضراوي سفيرة لفن الملحون وأوّل امرأة في العالم تُغنّي هذا اللون الغنائي التراثي، بعدما ظلّت لقرون طويلة حكراً على الرجال من الصنّاع التقليديين داخل بعض المدن التاريخية مثل فاس ومكناس والرباط وسلا.