تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يترك الوثائق الرسمية المألوفة التي عادة ما يلجأ إليها الباحثين من أجل كتابة تاريخ المدن. في حين عمل أجزول من خلال كتابه هذا على البحث في الوثائق العائلية ومحاولة كتابة تاريخ جديد، انطلاقاً مما توفره هذه الوثائق من معلومات قادرة على تغيير نظرتنا تجاه التاريخ الرسمي، هكذا يأخذ شكل الكتابة بعداً تجديداً، لكونه لا يرهن نفسه بالوثائق التاريخية المألوفة، بقدر ما يثور على المنطق المعرفي الذي يتبناه المؤرخون ويعتمد على وثائق خاصة تساهم لا محاولة في كتابة التاريخ الجمعي. إنّ الوعي بقيمة هذه المسالك المنهجية وثوراتها المعرفية تحقق قفزة نوعية في الكتابة التاريخية، لأنها تعطي للمؤرخ إمكانية الثورة على الأنماط التقليدية للتاريخ وتجعله ينفتح على معالم جديدة.
يقول مقدم الكتاب «لقد توفر للكاتب كم هائل من المخطوطات والوثائق والإحالات، فكان له الفضل أن أخضعها كلها بحنكة وذكاء إلى التبويب والتمحيص، وانتقى للقارئ دررا نفيسة منها، مستشهدا بما يغني بعضها عن الإطالة بمحملها. وله الفضل في رقن أهم هذه المخطوطات والوثائق، بما يسهل على القارئ الوقوف على فحواها بيسر ووضوح، خاصة بين عموم القراء الذين ليست لهم دراية بفك رموز ونصوص هذه المخطوطات. أضيف إلى ذلك أن العمل جاء غنياً ببعض الصور النادرة والجداول المبوية وتراتب الشجرة العائلية والإحالات التاريخية، كل ذلك في تسلسل زمني يكسب النص نفساً تأريخياً وفضولاً معرفياً ومتعة في القراءة».
