أولاً، كيف جاءت فكرة فيلمك التلفزيوني الجديد « دمليج زهيرو »؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، للإشارة فإنّ عمي هو التهامي الهاروشي، حين يذهب إلى سطات ومعه بوزوكة وكنون وادريس لبصير، يجلسون لمدة طويلة بالمدينة يكتبون ويغنون ويبدعون. وكنت دائما أريد كتابة شيء ما عن فن الملحون الذي أحببته منذ طفولتي. وذات يوم اقترح علي المنتج مهدي عيوش سيناريو كتبته أخته فردوس. هكذا شرعت في كتابة السيناريو مع اتفاق مسبق من أجل تغيير بعض المشاهد واللقطات، حتى يظهر السيناريو بحلّة أفضل.
ما الذي جعل من مخرج سينمائي يعود إلى الاشتغال على فيلم تلفزيوني؟
هو امتداد لمشروعي السينمائي، بحيث إنّ أول فيلم لي كان تلفزيونيا سنة 2006 وهو « للأزواج فقط ». في مساري السينمائي عندي مجموعة من المواضيع التي أريد الاشتغال عليها والتعبير عنها، وهي مواضيع بعضها يتماشى مع السينما وبعضها الآخر مع التلفزيون. وكل أفلامي التلفزيونية لم تأت من فراغ. فيلمي « للأزواج فقط » يتحدث عن المذيعة والإعلامية مليكة الملياني « السيدة ليلى »، وهو برنامج شهير كان الناس يتصلون عبر الراديو للحديث عن مشاكلهم، وهي تعطيهم نصائح. وهكذا يتدخل أناس آخرون، فيتم خلق نقاش اجتماعي حقيقي. أنا من جيل الراديو وليس التلفزيون، لهذا فإنّ أول تلفزيوني جعلني أختار برنامج السيدة ليلى وأشتغل على فيلم تلفزيوني حوله. وأنا شخصيا لا أفكر للترفيه وإنما للتعبير. كما أنّ فيلمي « الروض الأزرق » يتحدث عن الأمراض السرطانية الخاصّة بالدم، بحيث اشتغلت عليه تلفزيونيا من خلال فيلم « المطمورة ». ومع ذلك لم يقبلوا لي عدة أفلام حول مواضيع مهمة حول تاريخ المغرب.
إلى أي حد يستطيع هذا فيلمك « دمليج زهيرو » التوعية بأهمية الملحون؟
هذا هو الهدف من الفيلم، بحيث اعتمدت مقاربة بصرية مختلفة أكثر من كونها حكي قصّة. بل هو درس للملحون للشباب، فبعد مشاهدة الفيلم سيتّضح مدى عمق حرصنا الشديد على تقديم معارف حول الملحون. والرهان كان يتمثّل أنّه بعد ساعة ونصف من المشاهدة ينبغي أن يخرج بمعرفة ولو صغيرة حول فن الملحون. وحتّى أبق محافظاً على البيئة الفاسية عملت على اختيار مجموعة من الممثلين من مدينة فاس. وذلك من خلال خلق أجواء طبيعية يشعر فيها الممثل بالانتماء الطبيعي لتاريخ الملحون وموسيقاه. وبينما البطل يبحث عن « دمليج زهيرو » تنقلنا الكاميرا من حيّ إلى آخر، بطريقةٍ ما يتعرّف المُشاهد على جاذبية الفضاء، بما يجعله يخلق عدّة عوالم فنية في ذهنية المتلقّي. واخترت ممثلين لهم علاقة طبيعية من فاس مثل عبد الحق الزروالي ومروان حجي وعز العرب الكغاط وعزالدين الصقلي وزينب العلام وكوثر بنجلون ومجيدة بنكيران وغيرهم.
كيف ترى وتُقيّم واقع النقد؟ ولماذا لم يُنصف النقاد أفلامك؟
النقاد أحترمهم وأستفيد منهم، ولكن مع الأسف لم ينصفوني. وقد وضعوني منذ البداية في خانة معينة. لكنّهم لم يعملوا على إيقافي بل ظلّت أفلامي تصدر هنا وهناك. والنقاد انتقدوا أفلام نقدا لاذعاً، في حين تعاملوا بشكل مختلف مع بعض المخرجين الذين يمجّدونهم. تخيل أنّ الفيلم يصدر بعد ولم يُشاهد ومع ذلك يقولون أنّه رديء. لكن ليس لهم أي تأثير على أفلامي السينمائي لا من قريبٍ ولا من بعيد. بل حتى على القراء. أولا لأنّ المغربي لا يقرأ، وثانياً ليس كل النقاد يكتبون جيدا وهم يكتبون بنفس الطريقة وعن نفس الموضوع. كما أن الناس لا يعرفون النقاد وأغلبهم لا يستطيع إنجاز فيلم سينمائي، كما هو الحال للعديد من النقاد الفرنسيين الذين أنجزوا مجموعة من الأفلام الكبيرة.