تأتي قيمة هذه الدراسة في كونها تبرز أسماء بعض المصلحين داحل الجغرافية المغربية، خاصة أمام الشح الكبير الذي بات يكتنف الجانب المغربي هذه الناحية، إذْ نعثر على دراسات فكرية كثيرة تتناول بالدرس والتحليل نماذج مشرقية كثيرة تنتمي إلى رواد النهضة العربية منذ بدايات القرن التاسع عشر، لكنها لا تنشغل بمقاربة التجربة الإصلاحية المغربية بحكم ما تحبل به بالعديد من المصلحين الذين بزغ نجمهم داخل بلاد المغرب الأقصى. إذْ تقدم هذه الدراسة مفهوم الإصلاحي وتسعى إلى تتبعه ومحاولة الكشف عن ما يضمره المفهوم من زخم فكري، بما جعله يحظى بقيمة كبيرة داخل المنجز الفكري المعاصر، لأنه مفهوم مركزي داخل البنية المفاهيمية المعاصرة.
يقول الباحث «هذا الكتاب هو محاولة للبحث عن مفهوم محوري وهو الإصلاح، إذْ قد عنى الباحثون في الفكر الإسلامي التنقيب عنه في إطار إعادة الاستئناف الحضاري للأمة الإسلامية، والإصلاح بلا شك إذا حصل على الوجه الذي رتبته الشريعة الإسلامية تحققت بواسطته ثمرات عظيمة وفوائد جليلة، من تحقيق مجتمع متماسك يسوده الأمن والسلام، وتنتشر فيه المحبة والألفة، وتنصلح أحواله الاعتقادية والتعبدية والسلوكية والتي تؤدي حتماً إلى صالح الاجتماع والعمران والفضاء الإنساني العام».
يضيف صاحب الكتاب «وفي تاريخ الأمة الإسلامية مر مصلحون ومجددون كثيرون، كل في باباه وتخصصه، ولكن مؤدى الجميع خدمة الناس ابتغاء الفضل والخير من الله وإرجاع للأمة إلى حالة السواء الأولى، وبلدنا المغرب الأقصى مر به مصلحون كثيرون منذ الفاتحين الأولين من الولاة والقضاة والعلماء والفقهاء والصلحاء والمربين إلى زماننا اليوم، وما يزال الخير ممدوداً والحبل موصولاً يتابع الخلف السلف في المنهج العالم للإصلاح تكثيراً للخير وتقليلا للشر، وحري بنا أن نقف على نماذج من المصلحين ببلدنا في المغرب المعاصر كي نكون على بصيرة بالجهود العظيمة التي بذلها هؤلاء المصلحون في سبيل صلاح أحوال الناس في المعاش والمعاد».



