ينتمي الكتاب إلى حقل الدراسات السوسيولوجية المعاصرة، التي أخذت على عاتقها إمكانية التفكير والحفر في بعض القضايا والإشكالات ذات الاتّصال بحياتنا اليومية. وبما أن المغرب، يُعدّ من المجتمعات المركبة على حد تعبير بول باسكون، فإنّ المعتقدات والممارسات والخصوصيات، تغدو قيمة مضافة لهذا البلد، وبالتالي، ينبغي الحرص على توثيقها، باعتبارها من خصوصيات البلد التي تمنحه طابع التميّز والفرادة. فهذا المبحث السوسيولوجي يظلّ قادراً بشكلٍ أقوى من الخطابات التاريخيّة الأخرى على رصد الهوية المغربيّة وإبراز الثراء الذي تتميّز به على مستوى العادات والتقاليد والتعدد اللغوي، لكونهم يُشكّلون هوية جامعة انصهرت ببعضها البعض وكوّنت هذا الخليط المعرفي.
من هذا المنطلق، يأتي كتاب بنيس ليُعيد قراءة هذا الموروث المغربي والحرص على فهمه، بوصفه مدخلاً حقيقياً لميلاد خطاب يُحدد ملامح وعمق المغرب داخل منطقة شمال إفريقيا. وقد أبرز الباحث في كتابه ملامح هذا التعدد، بعدما تحول في نظره من « رابط اجتماعي إلى رباط افتراضي » سيما في فترة كورونا التي غيّرت من بعض تقاليد وعادات المغاربة، حيث أصبحت علاقاتهم متشابكة افتراضياً، ما جعلنا ننتقل من الطور الواقعي إلى واقع آخر افتراضي. إنّ هذه التحوّلات الخفيّة التي تطرأ في المجتمعات تحتاج دوماً إلى مثل هذه الدراسات المُبهجة التي تُخرج الخطاب السوسيولوجي النظري من عموميته وتزجّ به في أحضان المجتمع بكلّ ما يحبل به، ثقافياً وسياسياً واجتماعياً.