يكتسي الكتاب أهميته في كونه يُقدّم للقارئ نبذة عن أفكار ومواقف ريشارد شيكنر الذي يُعدّ واحداً من رواد فنّ الأداء المسرحي. ذلك إنّ قيمته كبيرة بالنسبة للممثلين والمخرجين والباحثين في الدراسات المسرحية، لكونه سيُزوّدهم بمجموعة من الأفكار والمفاهيم التي تُسعفهم على استيعاب قيمة الأداء داخل العرض المسرحي. وعلى مدار سنوات، شكّلت كتاباته النقدية أفقاً للعديد من المسرحيين في العالم الذين يجدون فيها بعضاً من الأفكار المختلفة التي تُشرّح براديغم الفرجة المسرحية وتُحلّل ميكانيزماته وتساهم بشكل جلي في تطويرها كنظرية قائمة ضمن باقي النظريات الأخرى. من ثمّ، فإنّ الكتاب سيُشكّل لا محالة مرجعاً للعديد من الباحثين المغاربة المهتمين بنظريات الأداء وقيمتها كأساس لتحقيق مفهوم الفرجة المسرحية، على أساس أنّ الأداء يُعدّ عنصراً هاماً لتحقيق مفهوم الفرجة المسرحية.
يقول المخرج « إذا كُنت زعمت تواً كونية الفرجة، فلا بد أن أوضّح أيضاً أنها تعبّر عن نفسها على نحو خاصّ، ويعني هذا أن الفرجة تتخذ موقعاً ثقافياً وتعبر عن نفسها جماعياً وفردياً. تكمن المفارقة في أن كل فرجة كونية وثقافية خاصّة، وفردية في الآن ذاته، فضلاً عن ذلك، فإنها تتحدد على نحو تاريخي. فلنأخذ الأذان مثلاً نداء المسلم إلى الصلاة هو نفسه في كل مكان، لكنه مختلف من المرات الخمس التي يرفع فيها يومياً، يستقبل بشكل مختلف حسب المستمع والمكان والمزاج والظروف وغير ذلك وحتى عندما يكون الأذان تسجيلاً مضخماً بمكبرات الصوت، فهو يزعم الخصوصية وفقاً للظروف المحيطة ببثه وتلقيه ».
وحسب ريتشارد شكنر، فإنّ كل دراسة في هذا الكتاب تتناول « كونية الأداء وخصوصيته، وتشكل هذه الدراسات معاً رؤيتي الشخصية لـ « دراسات الفرجة » بوصفها تخصصاً علمياً يستكشف الطيف الواسع للفرجة التي حددتها أعلاه، لن أحاول وصف أي مكان من هذه الدراسات أو تلخيصها، بل أريد من القارئ أن يقرأ الكتاب دون أي توجيه مني. غير أني سأقول إن عملي المكثف كمبدع ومخرجة مسرحي، يتخلّل كل ما أفكر فيه وأكتبه بوصفي منظر فرجة. إنني أتعامل مع طيف الفرجة الواسع من موقعي في المسرح. وهذا يعني أنني أفهم الحياة بما هي مغامرة درامية وتجربة أدوار متعددة ومفترق طرق حيث تتخذ الخيارات الحاسمة، وحيث يعبر الوجود عن نفسه بصور كوميدية وتراجيدية ».