يكتب السرحاني بالعربية والفرنسية، ويحاول عبرهما المضي قدماً في التعبير عن ذاته ووجدانه عبر موضوعات مختلفة بين الرواية والشعر. وإذا كان صاحب « لا وجود للحية ملساء » يُوازي في كتاباته بين الشعر والرواية، فهو أمرٌ يعود إلى التعدّد الأدبي الذي يعيشه الكاتب في ذاته، والذي يقوده إلى تفجير مكنونات اللغة عبر هذا العبور الأجناسي. إنّ الكتابة هنا أشبه بالعبور إلى عالم آخر، يُصبح فيه الشكل الأدبي مُهمّاً يتحكّم في الموضوع. هذا الأخير، يظلّ ملتصقاً بمفهوم الذائقة الشعورية التي تُحدّد طبيعة الموضوع والقالب الأدبي الذي ينبغي أنْ يوضع فيه.
وإلى جانبه دواوين وروايات من قبيل: «الذهاب إلى السواد »، « عشت من انتظارك »، « عارية كليل » يُعرف السرحاني في كونه من المترجمين الجدد الذين عملوا على نقل الأدب المغربي إلى اللغة الفرنسية، كما هو الحال لتجربة محمد بنيس في « ورقة البهاء » وحسن نجمي في « على انفراد ». وهي تجربة أدبية عميقة، إذْ تُساهم بوعي كبير في نقل الأدب المغربي إلى قارئ آخر، بما يجعله يُحقّق نوعاً من المُثاقفة التلقائية التي تتمّ بين التجارب الشعرية المعاصرة، ويضمن لها تواجدها واستمراريتها داخل بيئات متعدّدة وجغرافيات مختلفة، بها تُضيء ألقها ووجودها.
يقول الشاعر حسن نجمي عن هذا العمل الشعري الجديد « منير السرحاني، شاعر وروائي ومترجم وناقد أدبي وجامعي بارز في المغرب، وقد اكتسب مكانته الفكرية والأدبية من خلال الكتابة والنشر باللغة الفرنسية أساساً، وأيضاً، من خلال ترجمته لعدد من شعراء المغرب إلى لغة موليير. وهو هنا يفجؤنا بعمل شعري له باللغة العربية هذه المرة « نسيت حذاءك يا أبي ». قصيدة جميلة عميقة في شكل شذري يستعيد فيها صورة الأب، ويشيد معماراً شعرياً فاتناً، بنفس سردي وبحس فجائعي، وبروح المرثية التي يحول فيها الإحساس باليتم إلى يتم القصيدة ويتم اللغة ويتم الطفولة ».
يواصل « لقد نجح السرحاني في إعادة رسم صورة الأب الذي كان رجل علم، مناضلاَ اشتراكياً بقلب أخضر، لقد عاش الطفل الذي كانه الشاعر لحظات التحول في مشاعر وأفكار الأدب، وهو يرى العالم يتحول من حوله، والخطابات تنهار، والزيف ينتشر كبقعة زيت في مياه المحيط. هنا حيث يصبح الحذاء كناية ورمزاً ومصيراً ».