وحسب دار النشر، فإنّ هذا العمل الشعري، يُعدّ الأوّل في تجربة الشاوي، بعدما تألق صاحب « كان وأخواتها » في عيون القراء المغاربة، كاتباً وروائياً ثم تشكيلياً. ففي الوقتٍ الذي يهجر فيه الأدباء المغارية الشعر صوب الرواية، يعود عبد القادر الشاوي إلى الشعر، مُخلخلاً المركزيّة الثقافيّة التي بات يفرضها جنس الرواية على أجناس أدبيّة أخرى، باعتبارها ديوان العرب اليوم كما يدّعي البعض. وهذا الرأيّ روّجت له المؤسّسات الثقافيّة المُفتقرة إلى مشاريع أدبيّة واضحة لكونها لا تعمل سوى على تكريس هذا الجنس الذي تُروّج وتُدعّمه وتعمل على فرضه داخل راهن الثقافة المغربيّة المعاصرة. مع العلم أنّ الشاوي قد أدرج مجموعة من النصوص الشعريّة داخل أعماله الروائية التي كُتبت بنفسٍ شعريّ أحياناً يعمل فيها على نوعٍ من التجريب الأدبي الذي يُكسّر خطّ الكتابة ويدفعها صوب مُنعرجاتٍ جماليّة جديدة يصعب فيها القبض عن الشعري والنثري داخل الرواية.
ورغم أن صاحب « مرابع السلوان » لم ينشر أيّ ديوانٍ شعري، فإنّه نشر من نهاية السبعينيات مجموعة من القصائد الشعرية داخل جرائد ومجلاّت، مما جعل أسلوبه الشعري معروفاً عند الأجيال، رغم أنّه طالعنا في الآونة الأخيرة بمجموعة من اللوحات الفنّية التي تُؤكّد حجم التعدّد الذي يطبع ذاتية الشاوي ويجعله كاتباً تجريبياً لا يخبط في ضروب شتّى من التعبير كحظوةٍ أدبيّة، بل كأفقٍ وجودي يرسم الكاتب ملامحه انطلاقاً مما يروج في جسده. من ثمّ، فإنّ الديوان حسب الجهة الناشرة سيُساهم في إثراء « التجربة الشعرية المغربية لما يتميز به من جمالية الأسلوب وعمق المعاني وتجديد للبنية الشعرية، حيث تسبر القصيدة عوالم جديدة لا تعترف بحدود للإبداع وتطلق العنان لمخيلة خصبة ميزت الشاوي منذ أن حمل القلم ».
يقول عبد القادر الشاوي:
« لو أن شمس الله ملّت الغروب
لكان النهار غربة
والليل سراج.
لو أن السحب الكثيفة جاءت من عدم
لما ظلت الأرض حيرى
بين الطقس والكسوف
لو أن الضباب المخملي أناخ في الفراغ
لما خيم على الأرض إشراق
ولا أتى الصبح في موعد
لو أن الفراغ نفسه طار كالعصفور إلى شجرة النار
لما ارتشف الوليد من ثدي
حليب الأمهات
ولا سكنت قبلة على الجبين
ولا كان الحنين
يدا تضم اللقاء في عناقٍ ».