ويأتي الكتاب ضمن مقاربة معاصرة تقوم بقراءة التراث الأدبي العربي من وجهة نظرٍ فكرية تقوم على رصد مفهوم الرغبة في هذا التراث. خاصّة وأنّه مفهوم بالغ الحساسية في تاريخ الأنساق الفكرية العربية، لأنّه مفهوم مُركّب تتشابك الدوافع النفسية البيولوجية مع الأنظمة الاجتماعية. فقد حظي المفهوم باهتمام كبير داخل الفلسفة الغربية المعاصرة، واستطاع من خلال العديد من الفلاسفة التأسيس لمشروع فلسفي ينطلق من الذات وأوجاعها. بحيث كان الغرض من ذلك دحض السُلطة المركزية التي تأسس عليها مفهوم العقل في الثقافة الغربية. هكذا وجدنا أنفسنا أمام كتابات، يتقاطع فيها النفسي بالفلسفي والاجتماعي بالأدبي، كما هو الحال في كتابات جيل دولوز. إنّه وعي قويّ بتحوّلات النسق الفلسفي المعاصر في سعيه الحثيث للقبض عن مسالك المعنى، انطلاقاً ممّا يعرفه الواقع اليومي من تحوّلات.
يقول المترجم «إذا كان لي أنْ أستعير مطلقاً عبارة من أحد توفي هذا الكتاب وصاحبه المبدع والأكاديمي فرج الحوار حقهنا، فهي عبارة التوحيدي « الإمتاع والمؤانسة » حيث يترافق حسّ الطرافة والجملة الكاشفة، الاقتباس الناعم والتحليل الدقيق، الذي فيما هو يوفر المادة السردية أو الشعرية وينتقيها بعناية ويجعل النصّ مرصعا بجواهر مضيئ لخبايا النفس الإنسانية، فهو يخلخل شيئا من راحتنا كقراء مطمئنين إلى قناعاتنا، التي تعطيها البداهة قيمتها الأخيرة، غير القابلة لإعادة الطرح والمناقشة».
يضيف: «شيء آخر أكثر إمتاعا وإضاءة للنفس، وعلى وجه الدقة أكثر إيلاماً ونكئا للجرح، على الأقل بالنسبة إلي، ذلك المتعلق بالأطروحة نفسها. في سنة 1998 سجلت رسالة دكتوراه تحت عنوان « تجربة العشق في الشعر العربي المعاصر، أدونيس نموذجاً. ولأن المسالك كانت معتمة أمامي وأبكاراً، وأتصوّر أنّ صاحب الدراسة الحالية قد عانى من نفس المشكلة، في ظل شح كبير في الدراسات التي تتناول هذا الموضوع، فإنّ كلّ جملة أو كلّ مفهوم من هذا الكتاب يُعيدني إلى آمالي وخيباتي، ويحقق لي بعضاً مما ظلّ مكبوتاً في نفسي، أو فشلت في تحقيقه آنذاك.