قصيدة "اللوطية".. حينما تتبنى أكاديمية المملكة "الملحون الخاسر"!

DR

في 06/12/2016 على الساعة 11:00

التصق فن الملحون في مخيال المغاربة بالمناسبات والاعياد الدينية، حتى أضحت موسيقى الآلة طقسا لا محيد عنه من طقوس العيد... ظلت هذه الموسيقى عصية على الاستيعاب بالنسبة للعموم، وحتى لو تحقق ذلك، فإنه يتم في إطار "الملحون الرسمي"، دون تخيل أن هناك قصائد تزين أبياتها بكلمات بذيئة قد تصدم القارئ.

"أيا من هو لواط فارق الزعكة واسمع لي

وانصحتك من جانب المحبة روم الطبون

يا من هو لواط توب

روم الطبون وسير ليه"

قد يصدم كل قارئ لمطلع القصيدة أعلاه من الألفاظ المستعملة فيها، ومن تسمية الأشياء بمسمياتها دون استعارة لغوية ولا صور بلاغية، الصدمة ستزيد أكثر، حينما نعرف أن القصيدة التي تحمل عنوان "اللوطية"، لصاحبها الشيخ إدريس بن علي السناني، صادرة في سلسلة "التراث"، عن مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، ولن نحتاج القول إن من أشرف على تقديم الديوان ليس شخصا آخر غير الأستاذ عباس الجراري، الذي يحمل صفة عضو أكاديمية المملكة المغربية.

© Copyright : DR

الشيخ إدريس بن علي السناني، صاحب القصيدة والمعروف بـ"الحنش"، ولد سنة 1840 بفاس وتوفي سنة 1901 بالمدينة نفسها، ورغم حرفته المتواضعة كإسكافي في فاس البالي، إلا أن ريشته ضمنت له وشعره مجالسة الكبراء والأدباء.

© Copyright : DR

والغريب أن إدريس بن علي السناني، صاحب قصيدة اللوطية، التي يدعو فيها "معشر اللوطيين" إلى التوبة وتغيير توجههم الجنسي من المثلية، له أعمال أخرى تهم عناوين رسائل في الحث على العزلة، والتذكير، والصلاة على النبي، بل ورعم استعماله لقاموس، قد يعتبر في القرن الواحد والعشرين "بذاءة فجة"، فهذلا لم يمنعه منأخذ طريقة التصوف القادرية عن شيخه محمد بن عبدالواحد الكتاني، وأخذ الطريقة الشاذلية عن سيدي إبراهيم الغماري.

© Copyright : DR

بالعودة إلى قصيدة اللوطية، نجده يقول مثلا في وصفه للفحولة ورثائه لحال المثليين، فيما لا يتردد في التنفير من الممارسات المثلية، مستعملا كلاما مباشرا، ضاربا المثل السيء، ببابا حمان قريب البهجاوي "وساع الكرور" الذي لا يسر مصيره عدوا ولا صديقا.

© Copyright : DR

لا شك أن العمل الذي قامت به لجنة الملحون التابعة لأكاديمية المملكلة المغربية، عمل مهم، طالما أنه مكن المغاربة من الاطلاع على جزء من تراثهم الذي يؤرخ للمجتمع المغربي في مختلف تجلياته. غير أن مضمون بعض القصائد كـ"اللوطية" و"علال" لادريس بن علي السناني أيضا كان صادما.

© Copyright : DR

الصدمة تنجلي حينما نعلم أن الملحون كباقي الآداب الشعبية شعر اختار له الكثير من الأغراض من بينها ما يسمى "العشاقي" أو الغزل و"الساقي" أي الخمريات، كان بالضرورة ملزما أن يبقى وفيا بطبيعة الغرضين معا، وهو ما يستلزم قاموسا مباشرا كالذي استعمله بن علي السناني، قد يجده العوام مستفزا حين يتعلق الامر بوصف جسد المرأة أو الأعضاء الجنسية، غير أن المتخصصين يرون فيه غنى في الموروث، حيث سار في النهج نفسه الشيخ أحمد الغرابلي، الذي نشر قصائد في الملحون، لا تقل جرأة عن ديوان "الحنش".

تحرير من طرف جواد
في 06/12/2016 على الساعة 11:00