تتميّز أفلام المخرج السينمائي مصطفى فرماتي، باشتغال دقيق ومُكثّف على الصورة السينمائية التي تكاد تكون العنصر البارز في أعمال. ويرجع هذا الشغف بالسينما وجمالياتها إلى مرحلة الطفولة والصبا، حيث تعلّق قلبه بها. ومنذ ذلك الوقت استمرّ مصطفى فرماتي في تكوين نفسه سينمائياً، عاملاً على مطاردة الأثر الجمالي للصورة. فمُنذ فيلمه الأوّل « رماد » يُسجّل المُشاهد كيف تتحوّل الصورة عند فرماتي إلى مُختبر بصريّ لقول ما لا يُقال. إنّ الصورة تُعدّ بمثابة مختبرٍ حقيقي لطرح أسئلة تتعلّق بالموت والحياة. فتعامله معها يأتي وفق مُنطلقٍ فكريّ يُحرّض الصورة على الدخول في اشتباك حقيقي مع الفكر.
لم يظفر المخرج بأي جائزة بالمهرجان الوطني للفيلم، لكنّه ترك انطباعاً قوياً حول الطريقة التي بها أصبح يُصنع الفيلم الوثائقي بالمغرب. فقد لفت فرماتي أنظار جمهوره منذ فيلمه الأوّل. إذْ صوّر المخرج الفضاء بوصفه كائناً حياً يتكلّم ويتنفّس. صُوَرٌ شعريّة تُلهب الأنفاس وتجعل المُتلقّي ينسج علاقة خاصّة مع الصورة السينمائية بكلّ ما توفّره من إمكانات فنية.