أشرف الحساني يكتب: موت الجامعة

أشرف الحساني

في 20/05/2024 على الساعة 10:30, تحديث بتاريخ 20/05/2024 على الساعة 10:30

تعيش الجامعة المغربية اليوم، فراغاً مهولاً في التخصّصات ذات الصلة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، بل حتّى فيما يتّصل بالعلوم الحقّة، بحيث لا يعثر المرء على دراسات علمية أصيلة واختراعات تُساهم في تسهيل حياة الإنسان وفكّ بعض من ميكانيزمات عيشه.

تطرح المنشورات المعروضة في معرض الكتاب بالرباط أسئلة جريحة حول واقع الجامعة ودورها. في وقتٍ نعثر فيه على الإنتاجات المعرفية داخل المعرض، كُتبت من خارج أسوار الجامعة من لدن روائيين وشعراء وكتاب قصّة وباحثين ونقاد. أمرٌ كهذا يضع الجامعة موضع فحص ونقد عن صفة « باحث » التي يفتخر بها بعض الجامعيين ويجعلونها في مقدمة كلامهم وكأنّ صفة « جامعي » أصبحت عبارة عن بطاقة مرور وقول ما لا يُقال. إنّ الوضع الجامعي يزداد مأساوية ويجعل المرء يستغرب حول الطريقة التي بها يتم تسيير مختبرات جامعية، وهي في عمومها خاضعة لمنطلق الصداقة والعائلة.

الغريب أنّ هذه المختبرات تتوسّع وتحشد وراءها أجيالاً من الباحثين الذين هم في الحقيقة عبارة عن إكسيسوار. لم يعُد المثقف الجامعي يملك أيّ حظوةٍ معرفية لكونه لا يتجاوز قلاع تخصصه، فهو يشتغل بنوعٍ من المعرفة المتراكمة لديه بفعل التدريس والتأطير لا أكثر. وأغلب هذ المعارف تقليدية وغير متجدّدة لا تُساير تحوّلات الثقافة المعاصرة. فبدل أنْ تتحوّل الجامعات إلى مراكز للتفكير ومختبرات للتأمّل في الوضع المأساوي الذي يعيشه الناس في حياتهم اليومية في مجالات مختلفة، تصبح الجامعة امتيازاً بالنسبة للشخص الذي يشغل منصب أستاذ جامعي.

لا شيء تُقدّمه الجامعة للوسط الثقافي، لأنّها غدت عبارة عن فضاءات مفرغة من واقعها وأصبحت مكاناً لكلّ شيء إلاّ للبحث العلمي. إنّ أغلب ما يُكتب عن الثقافة في المغرب يكون خارج الجامعة. صحافيون وكتاب ونقاد وأدباء يساهمون بمؤلفاتهم وأبحاثهم ودراساتهم في رسم ملامح جديدة للثقافة المغربية وإخراجها من التقليد الذي بات يطبعها منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين. لكنْ حين نعود إلى جوهر الثقافة المغربية نجد أنّ الجامعة لعبت دوراً أساسياً في تقدّم الثقافة المغربية صوب الحداثة، بل إنّ أغلب الأطروحات والمفاهيم والنظريات خرجت من رحم الجامعة واستطاعت أنْ تُوسّع أفقها الفكري بالانفتاح على مظاهر ثقافية حديثة. أين نحن اليوم من هذا الزخم الفكري الذي دشنه مفكرون وأدباء ونقاد؟ لماذا تراجع دور الجامعة؟ ولماذا تم افراغها من البحث العلمي بعدما أصبحت عبارة عن مكان لتدريس نمطٍ من المعرفة التي لا يريد أيّ حد؟

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 20/05/2024 على الساعة 10:30, تحديث بتاريخ 20/05/2024 على الساعة 10:30