أوّل شيءٍ يتبادر إلى الذهن لحظة الحديث عن « الكوبلات الثقافيّة » هو جون بول سارتر وسيمون دي بوفوار. فهذه العلاقة العجيبة التي لم تقبل الخضوع إلى مؤسّسة الزواج ظلّت مُتحرّرة من كل قوانينه، لهذا شكّلت منذ السبعينيات تجربة مُلهمة بالنسبة للعديد من الأسماء الثقافيّة المغربيّة التي حاولت تقليدها. رغم أنّ هذا التقليد ظلّ حكراً على جانب الأفكار والميولات والاختيارات، لكونها لم تقبل أنْ تظلّ بعيدة عن مؤسّسة الزواج، خوفاً من رقابة العادات وسُلطة التقليد. ومع توالي الترجمات العربية لكتابات سارتر ودي بوفوار، تصاعد في المغرب، الحديث عن حرية التعبير وحرية الجسد والطريقة التي ينبغي أنْ تكون عليه المرأة باعتبارها « هي » لا كما يُريدها الرجل أنْ تكون.
وقد نتج عن هذه العلاقة المتخيّلة العديد من التجارب الصغيرة التي حاولت أنْ تمشي وفق نفس الرؤية الحياتية التي كانت دي بوفوار تنظر بها إلى الحياة، مع ضرورة إقامة مغامرات على شكل علاقات عابرة رفقة سارتر نفسه، ورغم الجدل الذي كانت تُثيره بعض « الفضائح » داخل الجرائد والمجلات في الأوساط الأكاديمية والفكرية، إلاّ أنّ سارتر ورفيقة دربه، لم يهتما على الإطلاق بهذه الأقاويل، التي كانا يتفاعلان معها بعمق فلسفي مُتوهّج ونادر.
لم تفهم بعض « الكوبلات » الثقافيّة جوهر هذه العلاقة التاريخيّة، فأخذت علاقاتهم بعداً تقليدياً. إذْ سرعان ما بدأت تظهر صور الكوبل على المجلات وأصبح المثقفون يفتخرون بزوجاتهنّ والعكس أيضاً. ففي بعض الحالات لم يعُد الأمر مبنياً على الحب والاحترام، بل فقط على الظهور والمتعة والتباهي بمناقشة أفكار حداثية بتفكير مغربي مُتحجّر ويعملون فيها على محاكاة النموذج الفرنسي الشهير. لم يفهم الكوبل الثقافي أنّ تجربة جون بول سارتر وسيمون دي بوفوار أو بين جوليا كريستيفيا وفيليب سوليرز، أنّهم تجارب فلسفية خاصّة، لها سياقاتها التاريخية وأبعادها النفسية العميقة التي ساهمت في تعلّق بعضهما ببعض. وليس مجرّد تجارب عادية قرّرت العيش بطريقةٍ مختلفة عن باقي التجارب الزوجية الأخرى. لم يتزوّج سارتر بسيمون لكنّهما استطاعا خلق نموذج حبّ لما ينبغي أنْ تكون عليه العلاقات الزوجية.
إنّ علاقة سيمون وسارتر أو بالأحرى صورتهما مجرّد « بريستيج » بالنسبة للمثقفين المغاربة. إذْ رغم المغامرات الجسدية وما رافقها من « فضائح » بالنسبة لهما، لم يعمل الطرفان على تشويه سمعتهما وفضح الأشياء الخفيّة من حياتهما الشخصية. بقدر ما ظلّ الحبّ مُتأجّجاً في دواخلهما ولم يجهرا بأي معلومات عن بعضهما البعض، رغم أن سيمون كان شديدة الانتقاد فلسفياً لسارتر وأكثر غيرة حين يكون مُحاطاً ببعض النساء. ونفس الأمر مع سوليرز الذي يعتبر رفيقة دربه جوليا كريستيفا تُجسّد « العبقرية الأنثوية » لكون رؤيتهما للحبّ تبقى مختلفة عن التجارب الإنسانية الأخرى.