المايسترو الحسين أشيبان.. أسطورة لن تتكرر في التاريخ

"المايسترو" موحى أوالحسين أشيبان في بيته

"المايسترو" موحى أوالحسين أشيبان في بيته . Le360

في 19/02/2016 على الساعة 14:01

برحيل المايسترو موحا أولحسين أشيبان، صبيحة اليوم الجمعة عن عمر يناهز 113 سنة، يكون المغرب قد فقد أسطورة منقطعة النظير في التراث المغربي الأصيل، الذي كان يقوم بدور سفير لفن أحيدوس على المستوى العالمي.

إلى غاية أيامه الأخيرة، ظل الفقيد موحا أولحسين، الذي يعد من رواد الأغنية الأمازيغية رفقة مجموعته، يمسك بزمام الفرقة التي تتكون من 21 فردا، ولم يمنعه تقدمه في السن، من مواصلة مسيرته الفنية بنفس الخفة والرشاقة المعهودة، وظل حريصا على مواصلة إشعاع فن "أحيدوس" الذي يعد من الفنون العريقة بمنطقة الأطلس المتوسط.

داخل بيته بقرية أزرو نايت لحسن (دائرة القباب إقليم خنيفرة)، لا يوجد ركن من الجدران الحجرية إلا ويغطيه تذكار من التذكارات (كما عاين ذلك طاقم Le360 خلال زيارته لبيت المايسترو قبل عام) التي حازها في مساره الفني الطويل والحافل بالتكريمات.

فقد تمكن هذا الفنان من تحقيق ما عجز عنه آخرون، فبفضله انفتحت آفاق عالمية لفن أحيدوس، حيث شارك في عدة مهرجانات في إفريقيا وأوربا والولايات المتحدة وسجل عدة أشرطة لمدينة الألعاب "والت ديزني" في كاليفورنيا، حيث منح لهذا الفن جواز سفر دولي بوأه مكانة خاصة وجعله محط إعجاب وتقدير بمختلف أقطار العالم التي زارها موحا أولحسين أشيبان رفقة مجموعته.

قصة لقب المايسترو

قصة لقب "المايسترو" بدأت عندما كان موحى والحسين، يقوم بمعية فرقته بجولة فنية إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في المجمع الترفيهي «والت ديزني» في ثمانينات القرن الماضي، إذ أعجب الرئيس رونالد ريغان بأداء الفرقة ورئيسها السبعيني الذي أبهر رئيس أمريكا برقصاته المتماشية مع إيقاع مضبوط وحركات مدروسة رائعة. فاقترح ريغان على المايسترو الإقامة في أميركا، غير أن كريم العمراني، الوزير الأول المغربي آنذاك، قال للرئيس الأميركي إن المغرب محتاج إلى فنانه الشعبي أكثر، خاصة في مجال التنشيط الثقافي والترويج لصورة المغرب، الفنية والحضارية.

ومنذ تلك اللحظة، لم ينازعه أحد في هذا اللقب حيث ظل محافظا على تألقه، يميزه ذلك السلهام الأسود الذي كان يرتديه خلال مشاركته في مختلف المهرجانات والملتقيات وكأنه صقر محلق في سماء الفن الأمازيغي الأصيل. وهكذا كلما كان يزيد شهرة، تزداد الأغنية الأمازيغية انتشارا واختراقا لكل الحدود.

ويعتبر الراحل، الذي شارك في حوالي 150 من الملتقيات والمهرجانات الدولية ، أول مغربي أوقد مشعل افتتاح كأس العالم لكرة القدم بإسبانيا سنة 1982 ، كما حاز على عدة أوسمة وجوائز عالمية سلمت له من طرف شخصيات عالمية كوسام الفنان العالمي الذي سلمته له ملكة بريطانيا سنة 1981.

المايسترو المقاوم

كشف موحا أولحسين أنه ورث عن أبيه فن الغناء والشهامة والجدية والصدق، وكان راعيا للأغنام وعمل في حرث الأرض. ورث عشقه لأحيدوس وبصمه بشخصيته وها هو ينقل الصنعة وكل أسلوبه لأبنائه وأحفاده.

والتحق بكتيبة الجنود المغاربة في عهد الحماية الفرنسية وشارك في الحرب العالمية الثانية. واشتهر عنه أنه رفض أمر أحد الضباط الفرنسيين إطلاق النار على أحد مساجد الدار البيضاء، فتمّ فصله من سلك الجندية. وانخرط بعدها بالمقاومة الوطنية ضد الاحتلال ولم يرضخ لإغراءات المنصب عندما عرض عليه منصب قائد منطقة بالأطلس المتوسط.

تفاصيل أخرى يرويها عنه الباحث والإعلامي إدريس قيسي، من خلال هاته المقابلة الصوتية:

خسارة كبيرة للفن الأمازيغي

وقال مدير مركز الدراسات التاريخية والبيئية بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، علي بنطالب في تصريح للبوابة الإخبارية "ماب-أمازيغية" إن وفاة "المايسترو" تشكل خسارة كبيرة للفن الأمازيغي بشكل عام ولرقصة أحيدوس بشكل خاص.

وأبرز أن الراحل الذي يعد "هرما كبيرا" طبع الفولكلور الامازيغي بـ"بصمة متميزة" مما جعله يكون سفيرا ناجحا للثقافة الامازيغية بمختلف بقاع المعمور التي زارها في حياته، مذكرا بكون الفقيد سبق أن حظي بتكريم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية وذلك تقديرا للجهود التي كان يبذلها للحفاظ على فن أحيدوس وإشعاعه وطنيا وعالميا.

ويعد الفن الغنائي "أحيدوس" الذي يؤدى بشكل جماعي واحدا من أقدم الفنون التي تعرفها منطقة الأطلس المتوسط. وتعكس الكلمات المغناة في رقصة أحيدوس، في كثير من الأحيان، الواقع المعيشي للإنسان الأمازيغي. ويشارك فيها الرجال والنساء حيث يشكلون دوائر أو أنصاف دوائر، بمرونة وتجدد، يرافقه غناء باللغة الأمازيغية الذي يكون مصاحبا بآلة البندير التقليدية التي تضفي جمالية إيقاعية على الرقصة.

وتجدر الإشارة إلى أن رقصة أحيدوس تعد من الفنون المفضلة في مناطق الأطلس المتوسط. وهي تؤدى في المواسم والأعراس والحفلات الخاصة والرسمية، وكذا في الصيف بعد فترة الحصاد.

وهذه ردود أفعال بعض الفنانين عن فقدان المايسترو:

أسماء المنور

«يوم حزين للفن المغربي بل العالمي . قيدوم الفلكلور المغربي وعميده ودعنا صباح اليوم الجمعة . موقد شعلة المونديال الرجل الذي جال العالم بأسره للتعريف بالتراث المغربي وشحته الملكة إيليزابيت بوسام الفنان العالمي . له مكانة خاصة في قلبي لأنه يمثل تراث بلدي ويمثل التراث الأمازيغي لمنطقة الأطلس المتوسط العزيز على قلبي وعلى قلوب كل المغاربة . إنا لله وإنا اليه راجعون RIP achibane. #أسما_لمنور #asmalmnawar A photo posted by Insta.asma (@asmalmnawar) on Feb 19, 2016 at 3:57am PST»

حاتم عمور

«فقد الفن الامازيغي صباح اليوم الجمعة، بقبيلة أزرو أيت لحسن، دائرة القباب بإقليم خنيفرة، الفنان موحا والحسين أشيبان، الملقب بـ"المايسترو"، عن عمر يناهز 113 سنة، وانا لله وانا اليه راجعون. A photo posted by HATIM AMMOR (@hatimammor) on Feb 19, 2016 at 4:07am PST»

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 19/02/2016 على الساعة 14:01