ويأتي كتاب الحقيوي الجديد، بعد سلسلة من الدراسات والنقاشات والندوات التي ساهم وشارك فيها سليمان الحقيوي داخل الساحة السينمائية المغربية بمختلف مهرجاناتها وأنشطتها. لذا فهو يُعدّ من النقاد الذين برزوا في السنوات الأخيرة داخل المشهد الثقافي المغربي من خلال ما كتبه من مقالات ودراسات تُخلخل واقع سينما البلد وتدفعها إلى التفكير في إشكالات جديدة وقضايا جوهرية ذات علاقة بما يشهده الراهن المغربي من تحوّلات سياسية واجتماعية تُؤثّر بشكلٍ دائم في جوهر الصورة السينمائية، بوصفها مختبراً بصرياً قادراً على التقاط تفاصيل الواقع ونتوءاته.
يقول صاحب الكتاب في مقدمته «يبدو أنّ المعادلة الجديدة أسقطت وظيفة نقد السينما باعتباره وسيطا بين الفيلم وجمهوره، فشركات الإنتاج تخاطب جمهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخبار الأفلام والوصلات الدعائية تصل إلى هذا الجمهور عبر منافذ عدّة، واقتيادها إلى مشاهدتها عبر حملات دعائية تستثمر عناصر » البيانات الضّخمة » التي توفّر أدق التفاصيل السلوكية عن طبائع الجمهور. قد يبدو أن التفلسف في الصورة، وتحليل الأفلام، والتاريخ للسينما لم تعد من مغريات جمهور يُغلّب المشاهدة على القراءة. إنّها محنة كبيرة ولا شك!».
كما يعتبر صاحب « سحر الصورة السينمائية » بأنّ كتابه هذا، يأتي بالكثير من " الحماس الذي شكّلته آمال ومخاوف تَفرضها طبيعة العصر، وعبر الخطّ الفاصل بينهما (الأمل والخوف) يقترح الكتاب دراسة قضايا ملحّة وآنية وأخرى قديمة وغير محسومة في السينما وما تقيمها من علاقات مع أجناس أدبية وفنّية أخرى، ومآلات تلقي السينما اليوم. عبر إثارة أسئلة يفرضها الزّمن الرّاهن، وإعادة طرح أسئلة أخرى، عن ماضي السينما وحاضرها ومستقبلها، الكتاب يؤمن كما صاحبه بأن النّقد ومعه كلّ كتابة هو الملاذ الآمن، الطريق الوحيد للإجابة عن أسئلة العصر رغم السرعة الرهيبة التي تتشكل بها».
جدير بالذكر، أنّه إلى جانب سعيد المزواري وعبد الكريم واكريم وجميلة عنّاب، يحتل الحقيوي مكانته بين الجيل الجديد، بحكم ما يخلقه من نقاشات داخل أعماله النقديّة، كما هو الحال في كتابه الجديد « أسئلة السينما المعلّقة » الذي يطرح فيه الحقيوي أسئلة السينما في علاقتها بالمتخيّل والتاريخ والإيديولوجيا والواقع والمنصّات والتلفزيون والشعر والعزلة، وذلك من خلال 11 فصلاً معرفياً تتقاطع فيما بينها لتُشكّل نسيجاً نقدياً مُتكاملاً، بما يجعل الكتاب مرجعاً هامّاً وحقيقياً للطلبة والباحثين.