تأتي قيمة هذه القراءات في كونها تفتح ذهن الباحث على حقبة هامّة من تاريخ المغرب خلال العصر الوسيط يتعلّق الأمر بالدولة المرابطية التي لعبت دوراً كبيراً في بلاد المغرب الأقصى. وقد حظيت الدولة المرابطية باهتمام كبير من لدن الباحثين والمؤرخين وذلك لكونها تعتبر أكثر الدول التي ساهمت في تكريس صورة المغرب من ناحية الخارجية، خاصّة خلال مرحلة التأسيس مع عبد الله بن ياسين الذي قُتل على يد البورغواطيين، لكنْ مع مرحلة تأسيس الحكم المرابطي مع يوسف بن تاشفين، حيث ستعرف الدولة أوجها الحضاري. غير أنّ اهتمام المؤرخين بالدولة المرابطية ظلّ مرتبطاً بالجوانب السياسية المتعلّقة بالأحداث بالمجتمع ونظام الحكم، ولم يقتربوا بشكل كبير إلى الجانب الحضاري للدولة، سواء المرابطية أو الموحدية وغيرها من الدول التي حكمت بلاد المغرب الأقصى في فترةٍ لاحقة.
تخصص التوزاني مداخلتها لدراسة ما يسمى تاريخياً بـ « المسكوكات » أي علم النقود خلال فترة الحكم المرابطي. وتعتبر المسكوكات أحد المصادر الهامّة في دراسة التاريخ الإسلامي بعد القرآن والسنة النبوية والأدب التاريخي والمنقوشات. وهي مصدر أساسي لدراسة مسار وتطوّر الدولة المغربية خلال العصر الوسيط. كما أنّ تأمّل هذه النقود الموروثة عن الحقبة المرابطية يُتيح للباحث كتابة تاريخ جديد لنظام الحكم وتعاقبه خلال فترات متباينة من التاريخ. كما يرصد المؤرخ من خلال النقود القديمة حجم ازدهار الوضع الاقتصادي للدولة انطلاقاً من طبيعة هذه النقود وما إذا كانت من ذهب أو فضة أو نحاس. فكل هذه العناصر تعطي للباحث المؤرخ معلومات جد هامة عن الحكام وأنظمتهم السياسية وتطور الاقتصاد الوطني في عهدهم.