هذا ويُعدّ صاحب "أندرومان" من أبرز المخرجين الذين طوّعوا التاريخ المغربيّ وعملوا على استثماره داخل المجال السينمائي، باعتباره من المفاهيم الهامّة التي لا يُمكن الاستغناء عنها جمالياً. لذلك يرى في حواره الخاصّ مع le360 بأنّ المغاربة لا يكادون يملكون شيئاً بعيداً عن الذاكرة، فهي ما تمنحهم الوجود الحقيقي، وذلك من المنطلق أنّه إذ أردنا أنْ نكون عالميين، لا بد لنا أنْ ننطلق من المحلّية انطلاقاً من الذاكرة. وهذه الأخيرة تُعدّ المُنطلق والمُنتهى في آنٍ واحدٍ. وحسب المخرج أنّنا لما نُريد تقليد الآخر سينمائياً فعادة ما نسقط في عملية فولكلورية أو كاريكاتورية، لذلك فهي تكون أصيلاً يجب أنْ ترتكز على ذاكرة حقيقية.
ويُضيف عز العرب العلوي بأنّ التعدد الفنّي الذي يعيشه في ذاته بين الإخراج والتأليف والنقد والتدريس أمراً طبيعياً، لأنّ هذه المجالات تُكمّل بعضها البعض، وليست اتجاهات متباعدة حتى نتحدث عن كثرة التخصصات. لذلك فهو تخصّص واحد تصبّ فيه مجموعة من الأطراف الأساسية، بوصفها أودية صغيرة تصبّ في النهر الواحد الذي هو الإخراج.
وعن السر الكامن بين تقاطع الفنّي والسياسي والاجتماعي والتاريخي، في فيلمه "كيليكيس...دوار البوم" فيقول بأنّ "الأحداث السياسية حينما تهاجر من زمنٍ إلى زمنٍ آخر تُصبح إنسانية". فتجربة السبعينيات وما ارتبط بها من جُرحٍ، لمّا نُريد مقاربتها فإنّنا نروم إلى الجانب الفنّي، بحكم أنّ الزاوية السياسيّة لم تعُد صالحة، بسبب اختلاف الفترات الزمنية ومُعطيات الواقع اليوميّ، كما أنّ حقوق الإنسان في السبعينيات ليست مثل اليوم. فهذا الجانب الإنساني في نظر المخرج عز العرب العلوي ظلّ الشغل الأساس بالنسبة له أمام تطوير الحكاية من خلال تسليط الضوء على الحارس، ونفس الأمر ينطبق على عددٍ من الأفلام الوثائقية.
وعن سؤال لـle360 حول فيلمه السينمائي الجديد "أفريكا بلانكا" يقول المخرج بأنّه فيلم أخذ وقتاً طويلاً لأنّه ذي تجربة إنسانية تتّجه صوب العُمق الإفريقي، بعدما ظلّت الإبداعات السينمائية المغربيّة تتّجه صوب أوروبا. أمّا اليوم فنحن نبحث أكثر عن الجذور الإفريقية وهو ما حولنا الاهتمام به في فيلم "أفريكا بلانكا" انطلاقاً من السينغال وموريتانيا ثم المغرب في الريصاني والرشيدية وفاس وطنجة. وهذه العملية هي إطلاله عامّة عن الجرح الإفريقي الذي ينزف عبر الطريق، لأنّ الحكاية بين الأب والأم يُعانون من الخرافة والجهل في اتجاه تحقيق حلم الخروج من ضيف المكان.
تصوير وتوضيب: خديجة صبار