في هذا الحوار الخاصّ بـle360 بمناسبة تكريمها من طرف مهرجان الريصاني للملحون، تُسلّط صاحبة "طفولة مغربيّة" الضوء على علاقتها بفنّ الملحون والكتابة، وكيف تعيش هذا التعدّد الفنّي في ذاتها. إذْ تُؤكّد أنّ فعل الكتابة يكون مدفوعاً بطاقة كبيرة، تجعل المرء ينغمس عميقاً في التخييل والكلمات والواقع، حيث يكون مُلتحماً بهواجس الذات وإيقاعٍ اليومي واللغة والتخييل. أمّا الملحون، فله أوقاتٌ مُحدّدة أشبه بنداءٍ قادمٍ من أمكنةٍ غير معروفة، كما أنّه يظلّ محكوماً بالإحساس وتهميش الكلمات. لكنْ مع ذلك تشعر الحضراوي بنوعٍ من الالتزام الطبيعي بين الكتابة والغناء.
هذا وتكشف ثريا الحضراوي إلى أنّ الملحون قدّم لها الكثير، لأنّه جعلها أمام تاريخ المغرب وحضارته وثقافته بالنسبة لفنّانة درست الفلسفة الغربية في سياقاتها التاريخية المُتباينة وأنساقها المُتعدّدة. لذلك لعب الملحون دوراً كبيراً في نسج أواصر علاقةٍ قوّية بين الفنانة والثقافة العربيّة الإسلامية وذاكرتها الحضارية، لذلك تعتبر أنّ الملحون كان صلة وصل بينها وبين التراث العربي الإسلامي، شعراً وفكراً.
وتجدر الإشارة بأنّ ثريا الحضراوي تُعدّ من الأوائل ممن اعتمدوا على حداثة الآلة الموسيقيّة المعاصرة من أجل ضخ دماءٍ جديدةٍ في جسد الملحون المغربيّ، لا سيما أنّها طوّعت من خلال مجموعة من الآلات الموسيقيّة بمعية فرقٍ عالمية فنّ الملحون، وجعلت المستحيل مُمكناً وهي تمنحه حياة جديدة في ذهن الآخر ومُتخيّله الموسيقي. ولا شكّ أنّ اسماً كبيراً مثل العازف الروسي سيمون ناباتوف، ما يُؤكّد أهميّة هذه الفنّانة في صناعة حداثة غنائية للملحون المغربيّ، وقُدرتها على اختراق حدودها الجغرافية لتمنح هذا النصّ الشعري القديم مكانته في حياة الناس ووجدانهم خلال أزمنتنا المعاصرة.
تصوير وتوضيب: خديجة صبار