في هذا الحوار الخاصّ بـ le360 يروي المخرج سعد الشرايبي بداياته السينمائية، التي ارتأى تدوينها في كتابه الجديد "شذرات من ذاكرة سينمائية" مُتناسياً هذه المرّة سحر الصورة السينمائية، جاعلاً من فعل الكتابة قلقاً جسدياً.
غير أنّ الكتابة في هذا السياق، تتّخذ صبغة ذاتية تبتعد عن كلّ السياقات النظرية والفكرية. فما يهُمّ سعد الشرايبي هو توثيق الذاكرة السينمائية المغربيّة، التي عاش في خضمّها لأكثر من 50 سنة. إذْ يحرص سعد الشرايبي في كتابه هذا، على الابتعاد كلياً عن الخطابات الرسمية الأكاديمية البارزة في الحقل السينمائي المغربي، حيث يهتم بكواليس الأفلام والخطاب الفكري الذي رافق الجامعة الوطنية للأندية السينمائية والأفكار والمفاهيم، التي ساهمت في تطوير السينما المغربية وأخرجتها من نفق المحلية، حتّى غدت هذه السينما متداولة داخل مهرجات عربية كبرى.
والحقيقة أنّ هذا النوع من الكتابات، تحتل مكانة مركزيّة في نفوس نقاد السينما، لأنّها تُتيح لهم مادّة معرفية غنية من الفيلم، تجعلهم ينسجون علاقة قويّة معه، سيما وأنّ الكثير المضامين، لا يُمكن أن تبتعد عن الخطابات السينمائية، التي رافقت ميلاد حركة الأندية السينمائية في المغرب وقُدرة هذه الجامعة أنْ تغدو خلال الثمانينيات بمثابة مختبرٍ للتفكير وطرح الأسئلة حول مصير السينما المغربيّة في خضّم هذا الحراك السينمائي، الذي شهده العالم العربي منذ الثمانينيات.
على هذا الأساس، يحرص صاحب فيلم "الميمات الثلاث" على التشديد على أهمية الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، مع العلم أنّ دورها بدأ يخفت داخل المشهد المغربيّ، أمام سُلطة السوشيال ميديا والوسائط البصريّة المُتعدّدة، التي أضحت تفرض طقوساً في المُشاهدة وتلقي الفيلم السينمائي، وأيضاً عن وظيفة النقد السينمائي، في مقابل بروز الكثير من التدوينات حول الأعمال السينمائية المغربيّة الجديدة، حيث أصبح المُشاهد يتدخّل في صناعة الرأي النقدي وتقديم آراءه في عدد من ظواهر المشهد السينمائي المغربي.
من جهة أخرى، يُؤكّد سعد الشرايبي أنّ مفهوم لـ "الالتزام" لم يتغيّر، لأنّه لس موضة فكريّة ترتبط بسياق السبعينيات أو الثمانينيات، وإنّما مفهوم يُؤسّس فكر المخرج السينمائي، ويجعله يبني من خلاله العديد من الأفلام السينمائية ذات الصلة بالقضايا والإشكالات، التي تطال الساحة العربيّة، سياسيا وثقافيا واجتماعياً.
وهذا الأمر، يبدو جلياً في فيلمه "الميمات الثلاث" الذي عمل من خلاله على مُجاوزة البُعد الترفيهي/ الاستهلاكي للصور السينمائية. لأنّ جميع مَشاهد الفيلم تتماهى بشكلٍ أو بآخر مع مفاهيم فكريّة سابقة على نشوء الفيلم. كما أنّ عشق سعد الشرايبي للتاريخ، جعله يُنجز فيلماً تاريخياً مُتحرّراً من سراديب الذاكرة، بما يجعل الفيلم ينهل من الأرشيفات التاريخيّة، دون أنْ يجع من جسده أسيراً لها ولتفكيرها.
تصوير وتوضيب: خديجة صبار