بمناسبة تأسيس معهد للفنون، نظّمت الأكاديمية المغربيّة مساء الجمعة 13 ماي 2022 محاضرة بعنوان "مازال بمقدورنا الحلم بالموسيقى"، ألقاها المؤلّف والموسيقار اللبناني مارسيل خليفة، كواحدٍ من أقطاب التأليف الموسيقي داخل البلاد العربيّة.
وعلى خلفية هذا الدرس الموسيقي الافتتاحي، انفرد Le360 بهذا الحوار المباشر مع صاحب "غنّي قليلاً"، من خلال جملة من الأسئلة ذات الارتباط بالدرس الافتتاحي، في مقابل أخرى مُنفلتة من قبضة التدوير الأكاديمي والقريبة من الحياة في قلقها وفرحتها وتمرّدها وصمتها وشغبها ومعاناتها. وهي ثيماتٌ أنطولوجية ظلّ المُختبر الموسيقي عند مارسيل خليفة، يستند عليها، لا فقط كثيماتٍ تصنع سيرة الأغنية، وإنّما كنسقٍ فنّي مُبطّن في سيرة وذات الفنّان في علاقتها بالعالم.
في الجزء الأوّل من الحوار، يلفت مارسيل خليفة إلى أنّ قريته عمشيت مسقط رأسه وقلبه معاً، ظلّت تسكنه ويسكنها على مدار سنواتٍ من الموسيقى والغناء والحب والسفر، لأنّ أصوات الآخرين بقيت تتملّكه ويسري هسيسها في جسد أغانيه وموسيقاه.
ولكن لا يفوت صاحب "ريتا" الإشارة إلى جدّه وصوته المُتقطّع والحزين وهو يهزّ شبّاك القارب بصوته الشجي والحزين، فهو بالنسبة له المدرسة الموسيقيّة الأولى، التي علمته أنّ الموسيقى لا تُصنع بمنأى عن الحياة.
كما أشار مارسيل إلى الدور الذي لعبته أِعار محمود درويش في تغذية جسده ووجدانه وتفكيره، وهو ما يزال طفلاً صغيراً، بعد أنْ اعتزل في بيت العائلة لمدة 6 أشهر، حيث سيتعرّف هناك على أشعار درويش.
لكنّه يُؤكّد مع ذلك أنّه لم يكُن يؤلّف موسيقى أو يُغنّي أو يعزف، بل فقط يلعب ويتسلّى بتلك النصوص، في وقتٍ لم يُكن يدور في تفكيره أنّ هذه الأشعار، ستجعل منه موسيقياً كبيراً، بعد أنْ حفرت مجراها عميقاً في ذاكرة الشعوب وأفرادها.
وعلى الرغم من العلاقة المُتواشجة والمُركّبة بينه وبين محمود درويش، بأنّ لكل شخص أرضه التي يشتغل عليها، لأنّ الشعر شعر والموسيقى موسيقى. لذلك تظلّ التجارب تتقاطع من جهةٍ، لكنّها سرعان ما تتلاقى في أمكنة فنّية ومُنعطفاتٍ جماليّة.
يذكر أن إسهامات مارسيل خليفة (71 سنة) الموسيقية تجاوزت الحدود الجغرافية العربيّة وأضحت تحفر لنفسها أفقاً جديداً ومُغايراً لا تحدّه الحدود ولا المرافئ. لذلك فإنّ الكثير من ألبوماته الغنائية، قد استحوذت على وجدان الجماهير العربيّة وصنعت سيرتها ومُتخيّلها، لما تضمنته من أبعادٍ رمزيّة تعلي من قيمة الإنسان وحقّه في السلام والحرية والحب والعيش الكريم.