ويجسد هذا المعرض المنظم إلى غاية 15 نونبر الجاري بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الانخراط الفعال للمملكة المغربية منذ سنة 1960 في خدمة مبادئ السلام والأمن عبر العالم، وأيضا تقاسم الخبرة المكتسبة من طرف القبعات الزرق المغاربة من أجل الدفاع عن القيم الكونية للتضامن والكرامة والعمل الإنساني عبر إرسال تجريدات تابعة للقوات المسلحة الملكية، تحت راية الأمم المتحدة، بمختلف القارات.
ويسلط المعرض الذي يأتي على هامش الذكرى 45 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى 75 لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، بتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ومكتب منظمة الأمم المتحدة بالرباط ، الضوء على بعد التضامن الإنساني للمملكة المغربية الذي يتجلى بالأساس في إرسال المستشفيات الميدانية الطبية الجراحية التابعة للقوات المسلحة الملكية وإيصال المساعدات الإنسانية المباشرة لفائدة سكان الدول التي تمر من أزمات أو تواجه تبعات كوارث طبيعية في مختلف بقاع العالم.
وخلال الافتتاح، قال الجنرال دو دفيزيون عبد السلام كدالي، عن المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية، خلال حفل افتتاح هذا المعرض، إن هذا الحدث الفريد يجسد التزام المملكة لفائدة السلم والأمن بالعالم ويبرز الخبرة المكتسبة من طرف القبعات الزرق المغاربة.
وأوضح أنه، على الميدان، تتجسد مشاركة القوات المسلحة الملكية في عمليات حفظ السلام أيضا في مهام متكاملة ومتنوعة في آن، مشيرا، من بين أمور أخرى، إلى إعادة توطين وحماية النازحين واللاجئين، ومراقبة المناطق العازلة، والمرافقة الأمنية لقوافل المساعدات الإنسانية واستعادة النظام والدعم الإنساني.
وأبرز الجنرال دو دفيزيون عبد السلام كدالي أنه خلال كافة هذه البعثات، حظيت مشاركة تجريدات القوات المسلحة الملكية في كل مرة بإشادة الأمم المتحدة وبترحيب من لدن الساكنة المحلية، مذكرا أيضا بإقامة المملكة لاعديد من المستشفيات الميدانية، ثمانية منها زارها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للوقوف على الخدمات المقدمة للساكنة المحلية.
وأوضح أن المعرض يقدم عرضا استعاديا لانخراط المغرب منذ أكثر من 60 سنة في الجهود الأممية الرامية للحفاظ على السلام عبر العالم في احترام للوحدة الترابية ولسيادة الدول.
وخلص إلى أن هذا المعرض يشكل أيضا فرصة للاحتفاء بجميع جنود السلام الذين أصيبوا أو الذين قضوا نحبهم في مختلف ساحات الشرف للدفاع على قيم السلام والأمن الإنسانية.
من جهتها، أكدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بالمغرب، سيلفيا بوبيز-ايكرا، أن هذا العرض يذكر من خلال المزاوجة بين الفن والذاكرة بأن المغرب التزم منذ 60 سنة، بحزم، إلى جانب الأمم المتحدة، بالحفاظ على السلم والأمن العالميين، مشيرة إلى أن المملكة تعد اليوم من ضمن أهم المساهمين في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، وهي مساهمة أشاد بها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش خلال زيارته للمغرب في دحنبر 2018.
وأثنت المسؤولة الأممية بحرارة، باسم الأمم المتحدة، على المغاربة والمغربيات، جنود السلام المنضوين تحت اللواء الأزرق للأمم المتحدة، في مناطق صعبة وفي سياق الجائحة، للحفاظ على السلام، معربة عن بالغ امتنانها لهؤلاء المغاربة الذين يشكلون جزءا من مليون من النساء والرجال الذين أدوا مهاهم كقبعات زرق منذ سنة 1948.
ويشكل هذا العرض، حسب السيدة لوبيز-ايكرا، فرصة للاحتفاء بذكرى وتضحيات أولئك الذين فقدوا أرواحهم لتحقيق السلام، مبرزة أن المغرب كان أيضا من بين أوائل الدول التي دعمت "العمل من أجل حفظ السلام"، وهي مبادرة للأمين العام للأمم المتحدة تم إطلاقها لإنعاش عمليات حفظ السلام.
كما أكدت المسؤولة الأممية أن المغرب اليوم هو أحد أبطال تعددية الأطراف، الذي حمل بمناسبة الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، رسالة قوية من خلال تجديد التأكيد على إيمانه بتعددية الأطراف ودعمه لعمل منظمة الأمم المتحدة من أجل عالم يسوده السلام والعدالة والحوار بين الثقافات والتعاون التضامني من أجل تنمية مستدامة وقارة إفريقية مزدهرة.
من جهته، أشار ممثل وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إلى أن تنظيم هذا الحدث الهام، الذي يتزامن مع تخليد الذكرى الـ75 لإنشاء منظمة الأمم المتحدة يندرج في إطار الالتزام الثابت ومتعدد الأطراف للمغرب تحت الرؤية الملكية المستنيرة لفائدة منظمة الأمم المتحدة وحفظ السلام.
وأضاف أن المملكة، انطلاقا من التزامها بتعددية الأطراف، انخرطت مبكرا منذ 1960 في حفظ السلام الأممي الذي تعتبره واحدة من الآليات الناجعة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
وأشار إلى أن المغرب القوي بتجربته الطويلة في حفظ السلام، وباعتباره فاعلا ملتزما إلى جانب الأمم المتحدة، يعتبر مروجا للسلام والأمن في فضائه المباشر، وبالقارة الإفريقية وبالعالم، مشيرا إلى أنه منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، يسهر جلالته شخصيا على سياسة إفريقية جديدة للمملكة، تروج لإشاعة السلم والأمن وكذا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة الافريقية.
ويرصد المعرض الذي تخصص فترة ما بعد زوال اليوم الجمعة لزيارة الملحقين العسكريين المعتمدين بالرباط له، مساهمات المملكة المغربية في الدفاع عن القيم والمبادئ الإنسانية السامية التي تأتي كامتداد لتقليد عريق ضارب في التاريخ المجيد للمملكة، لنصرة قيم التضامن مع مختلف شعوب المعمور ومساندة الشرعية الدولية والمساهمة في إعلاء مبادئ القانون ووالشرعية والإنسانية.
وقد تم تعزيز هذا المعرض بمقتطفات من الخطب والرسائل الملكية السامية، وكذا بشهادات لمسؤولين أمميين بارزين وبعض قادة قوات حفظ السلام، كما تمت صياغته وفق منظور أنفوغرافي حديث يتوسطه فضاء مركزي مخصص للزيارات الملكية السامية التي قام بها جلالته للمستشفيات الميدانية الطبية الجراحية التي أقامتها القوات المسلحة الملكية في كل من الغابون والنيجر والكونغو-برازافيل والمملكة الأردنية الهاشمية (الزعتري) ومالي وغينيا وغينيا بيساو وجنوب السودان، وهو ما يرمز للتضامن الملكي الفعال. بالإضافة إلى عرض شريط يوثق لهذه الزيارات الملكية السامية خلال هذا المعرض.
كما تم إغناء المعرض بأزيد من 300 صورة فوتوغرافية معبرة تم اختيارها بعناية كي تؤثث 30 لوحة أنفوغرافية تهدف إلى إبراز انخراط القوات المسلحة الملكية في مجال حفظ السلام والعمل الإنساني.
ويسلط المعرض الضوء أيضا على، الخبرة المكتسبة في مجال التكوين الخاص بحفظ السلام لفائدة الدول الشقيقة والصديقة. ويختتم المعرض بفضاء خاص للترحم على شهداء الواجب، شهداء القوات المسلحة الملكية الذي سقطوا خلال تأديتهم لمهامهم ضمن بعثات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
يشار إلى أن إجمالي مساهمة المملكة المغربية في عمليات حفظ السلام الأممية والعمل الإنساني، المتمثلة في مشاركة أكثر من 74 ألفا من القبعات الزرق المغاربة في 14 عملية أممية لحفظ السلام؛ وإقامة 17 مستشفى عسكريا ميدانيا في 14 بلدا، استطاعت توفير أكثر من مليونين و650 ألف خدمة طبية لفائدة الساكنة المحلية واللاجئين.
تصوير وتوضيب: ياسين بنميني