"حقائق متوارية".. إمارة نكور أول "دولة إسلامية" في المغرب الأقصى!

ضريح الولي سيدي صالح مؤسس نكور

ضريح الولي سيدي صالح مؤسس نكور . DR

في 06/06/2017 على الساعة 18:00

"حقائق متوارية".. سلسلتكم الجديدة على Le360، نسبر فيها وإياكم أغوار التاريخ لنزيل الغبار عن حقائق حول أحداث ووقائع تجاهلها التاريخ فحلت محلها روايات دونها المنتصرون.. في هذه الحلقة نتعرف على أول إمارة إسلامية بالمغرب الاقصى، "إمارة نكور"، التي سبقت دولة الأدارسة.

كثيرا ما ذكرت دولة الادارسة، على أساس أنها أول دولة إسلامية بالمغرب الأقصى، أسسها المولى إدريس بن عبد الله بعد فراه من موقعة فخ ضد العباسيين، قبل مبايعة المولى إدريس، كان الساحل الريفي شمال المغرب.

تعد إمارة نكور أو إمارة بني صالح من سلالة الصالحيين، ظهرت منذ سنة 710 ميلادية، أي قبل حوالي قرن من دولة الأدارسة، أسست الإمارة على يد صالح بن منصور في تمسمان في منطقة الريف بالمغرب الأقصى. وهي أول إمارة مستقلة بالمغرب الأقصى بعد ثورة المغاربة على ولاة بنو أمية، كما أنها اعتنقت بالمذهب المالكي السني خلاف لباقي الإمارات المغربية الأخرى، كبنو مدرار وبرغواطة، التي تأسست على مذهب الخوارج الصفرية.

التأسيس

تأسيس إمارة نكور حسب ما بينه إبن عذاري المراكشي في البيان في اخبار المغرب والاندلس كان في بداية القرن الثاني الهجري على يد "سعيد بن ادريس بن صالح بن منصور الحميري" الذي أتم بناء المدينة التي اختطها والده ادريس بن صالح عندما كان يفكر في إقامة عاصمة جديدة لإمارة نكور بدلا من بقاءه في تمسمان.

بذلك يكون سعيد هو أول من اتخذ مدينة النكور عاصمة له، كما أن النسب العربي اليمني الحميري الرسمي الذي ادعاه أمراء نكور هو شيء طبيعي للسيطرة على الحكم وهذا ما تم تبنيه من طرف مؤرخي الدولة الاموية، بسبب اختلاف الروايات التي تناولت قيام الإمارة.

الموقع الحصين

وبخصوص موقع إمارة النكور فهي تقع على بعد ثلاثين كيلومترا غرب قبيلة تمسمان أي بين نهر نكور وغيس، على بعد خمسة أميال من البحر في اتجاه الجنوب، ويشير البكري إلى هذين النهرين، أنهما يتمتعان بموضع يسمى أكدال ثم يتحول إلى جداول كثيرة قبل مصبها في بالبحر. وكانت مدينة النكور محاطة بسور، لها أربعة أبواب : باب سليمان في القبلة، وباب بني ورياغل بين القبلة والجوف، وفي الغرب باب المصلى، وفي الجوف باب اليهود.

وإذا كانت هاته الحدود غير دقيقة، فإنها تحدد لنا بما فيه الكفاية أن الجهة التي يعتبرها ابن عارى المراكشي خاضعة لإمارة نكور كانت تصل الى نهر ملوية الى الشرق، ومن جهة الغرب كانت تمتد الى ناحية بني مروان (قبيلة غمارة). ويستنتج من ذلك أن مسطاسة الموجودة الان في تراب متيوة البحر على ضفاف نهر اورنغا، التي يعود جذورها حسب ابن خلدون، الى عائلة "أزدايا" الكبيرة التي أعقبت بني صالح في مملكة النكور من سنة 1019 الى سنة 1084 ميلادية.

الاندثار.. وذكرى إمارة

زحفت قبائل مكناسة البدوية بقيادة موسى بن أبي العافية على نكّور سنة 319 هـ. فحاصروها مدة، ثم تغلب عليها وقتل صاحب عبد البديع بن صالح ، وخرب نكّور ونسف آثارها. وقد وصف ابن حوقل آثار ما تعرضت له مدينة نكور في زيارته لها في النصف الأول من القرن الرابع الهجري، حيث لاحظ الخراب باديا على المدينة.

وفي سنة 326 هـ انتهز أهل نكور وفاة موسى بن أبي العافية فانتفضوا على عبد السميع وقتلوه ودعوا جرثم بن أحمد الذي كان لاجئا بملقة فبايعوه بالإمارة حيث استمر في الحكم لمدة ربع قرن من الزمن كانت كافية لمعاودة أهل نكّور بناء مدينتهم كما استغلوا الانفراج السلمي الذي طبع علاقة قرطبة مع إمارات العدوة المغربية لتنشيط دواليب اقتصادهم.

وعاودت الغارات البدوية كرتها على الإمارة إذ تمكن قبيلة أزداجة البرنسية من الدخول إلى المزمة والسيطرة على نكّور، لكن لم ينعم الأزداجيين كثيرا بانتصارهم هذا، إذ باغتتهم جيوش يوسف بن تاشفين المرابطية سنة 473 هـ في حملة كاسحة وشاملة لم تبق أثر لنكور.

للتعمق أكثر في الموضوع: إبن عذاري، المراكشي: البيان في اخبار المغرب والاندلس - أبو عبيد الله البكري، المغرب في ذكر بلاد المغرب- ابن خلدون، عبد الرحمن : كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في ايام العرب والعجم ومن ولاهم من بلاد البربر

في 06/06/2017 على الساعة 18:00