خلعت عنها جلباب سيدة الأعمال وشدها الحنين إلى زمن الممارسة الرياضة وتذكرت بعدما أصبحت أما لثلاثة أبناء ولديها حفيد، إذ حركتها متابعة تسلق الجبال عبر التلفزيون وتساءلت مع نفسها، هل أنا عاجزة عن خوض مغامرات من هذا النوع، إنه ارتقاء آخر في مجال من مجالات الحياة موسوم بالتحدي.
آمنت بقدرتها ورفعت شعار نجاح واحد لا يكفي نجحت في مسارها المهني وكونت أسرة وترى في أبنائها ثمرة من ثمرات الكفاح المتعدد، وفي حفيدها بذرة أمل سيكبر يوما لا محالة، والجميل في نظرها أن تكبر معه طموحات جدته ولم لا تصبح قدوة ومفخرة بعد أن تؤدي رسالة أخرى من الرسائل النبيلة، وهي إثبات قدرة المرأة على الوصول إلى تصبو إليه، وأنه بإمكانها النجاح في أكثر من مجال.
نحن بصدد امرأة تذوقت لذة الارتقاء، ولا ترغب إطلاقا في أن تفارقها، فبالنسبة لها الارتقاء يضاهيه الصعود الذي تحقق في مجالات عدة، يحرق المرء المراحل ويتحدى الصعب فلم لا يجرب قدرته على صعيد آخر، لم لا يكون تسلق الجبال الذي شاهدته عبر الشاشة وعزف على وترها الحساس.

تقول إن الهدف الأساس من تسلق الجبال ورفع سقف الطموحات في هذا المجال له رسالة، وتؤكد من خلال رسالتها أن المرأة لا يمكنها أن تستسلم، ولا يمكن أن تؤمن بالمفهوم التقليدي للأم والجدة، وعليها أن تنفض عنها غبار الخمول وتعض بالنواجذ على الأمل الذي لا حدود له.
رسالة هند زمامة هي ألا شيء يمنع المرأة من تحقيق الأهداف، وعليها أن تعمل لتكون مفخرة لأهلها وذويها، وتثبت لهم على أرض الواقع أن الدعم والدفء العائلي لم ولن يذهب سدى، هكذا شمرت « الجدة » على ساعديها، استنجدت بالماضي والرياضي واستعدت للرهان.
في البدء وبعد التداريب المكثفة والتحضيرات مع فريق العمل كان الرهان الصعود إلى قمة جبل توبقال أعلى قمة في المغرب، وبعد نجاح تجربتها قالت « من الضروري خوض تجربة أصعب، والأصعب من توبقال يعني تحديد وجهة خارجية، قلت لنفسي لم لا كليمانجارو » أعلى قمة إفريقية 5895 مترا، وأنجزت المهمة بنجاح تقول: « لم يكن ذلك نجاحا شخصيا فهو نجاح لفريق العمل وللعائلة التي تشجعني على مواصلة المغامرة. في الحقيقة الشعور لا يوصف لأنني بعد الجهود التي أبذلها أتمكن من رفع علم وطني وأسهم في إبراز قدرة المرأة المغربية على كسب التحديات ».
وأوضحت أن هذا تكرر معها عندما صعدت إلى قمة جبال الأنديز بين الأرجنتين والشيلي حيث قارب العلو 7000 متر، وعبرت عن فخرها بكونها المرأة الوحيدة بين مجموعة من الرجال من مختلف بقاع العالم التي تمكنت من المشاركة.
ويبدو أن لذة النجاح لم تكبح جماح طموحها المستمد بقوة من دعم الزوج والوالدين والأبناء، الذي يتحول إلى رغبة في المزيد من العمل أملا في المزيد من التألق.
كما أثنت على فريق عملها المعد البدني والمعد الذهني، ومستشار التغذية، لأن المغامرة تتطلب كثيرا من التحضير، ففضلا عن التداريب وبعد تحديد الوجهة تجري عملية دراسة الخصوصيات والمتطلبات منها الظروف المناخية والملابس التي تتطلبها، وأيضا التوقيت المناسب لأن عملية التسلق في منطقة معينة لا تجري على طول السنة.
وتعكف حاليا على التخطيط لهدف أعلى، لكنها لا ترغب في الإفصاح عن الموقع لأنها تدرس الموضوع من جميع النواحي وكلها آمل في رفع العلم الوطني مرة أخرى في قمة أخرى.
ويبقى الدرس الكبير هو الإصرار على النجاح « حين قررت أن أتسلق من أجل الصعود إلى قمة جبال توبقال كان مغلقا، لكن هذا لم ينل من عزيمتي، بل عقدت العزم على انتظار فتحه وواصلت التحضير لأكون جاهزة في اليوم المحدد، وتأتى لي ذلك ».
هند زمامة تضع في الحسبان كل شيء، وتشدد على أهمية التوازن فشغفها بتسلق الجبال هي رسالتها إلى الجميع نيابة عن المرأة المغربية التي أثبتت كفاءتها في كل الميادين، ولأنها تتشبث بالنجاح فإنها تعمل كي لا يؤثر نجاحها هذا على نجاحها في الحياة العملية باعتبارها سيدة أعمال خبرت معنى تدبير الأمور والزمن والقبض على الجمر، لأن الصعود إلى قمم الجبال يتلوه هبوط إلى أرض واقع لا تريده أن يتغير إلا للأحسن.




