أعتقد أنه ينبغي توجيه الشكر للمنتخب الغامبي، الذي كان وراء تعجيل توجه أسود الأطلس إلى كوت ديفوار، بعد امتناعه عن الوفاء بالتزام المجيء إلى المغرب لمواجهة الأسود.
لقد كان تعجيل السفر عاملا مساعدا لتأقلم اللاعبين مع الأجواء، ورفع منسوب جاهزيتهم من كل النواحي لخوض الرهان القاري بعزيمة كبيرة، وهذا ما اتضح خلال المباراة الأولى ضد تانزانيا، إذ جرى التقليل من هامش احتمال التعثر بنسبة مئوية كبيرة، وظل منسوب اللياقة البدنية في المستوى، رغم الاعتماد على لاعبين يمارسون في بلدان تختلف كثيرا عن كوت ديفوار.
وقد لاحظنا كيف كان لاعبو المنتخب الوطني مصرين على الظفر بالنقاط الثلاث، رغم خشونة الطرف المنافس، واستفزازات المدرب الجزائري عادل عمروش، التي سبقت المباراة، إذ لم ينل ما قيل من عزيمة المنتخب الوطني الذي رد عليها وعلى خشونة اللاعبين بثلاثة أهداف لصفر.
بدا أن المدرب الجزائري كان يعاني ضغوطا رغب في نقلها إلى الجانب المغربي لكنه لم يفلح، لأن مسؤولي الاتحاد التنزاني ردوه عن غيه قبل المباراة، عبر رفضهم التصريحات إياها، منتقدين سلوك المدرب الجزائري الذي نسي أنه مدرب منتخب تنزانيا وليس مجندا من قبل حكام الجزائر، ليسمح لنفسه بتوجيه انتقادات للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ما حمله على التراجع عن أقواله قبل المباراة، لكنه عاد لانتقاد التحكيم رغم أن الحكم التشادي الهادي ألو محمد كان متساهلا مع اللعب العنيف للاعبي المنتخب الذي يدربه.
كنت أعرف أن تخوف الجمهور المغربي قبل « الكان » مرده إلى الاستعداد من قبل المنافسين، لأن الصورة المشرفة التي ظهر بها أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، تحفز أي منافس للمنتخب الوطني، وتدفعه إلى محاولة الفوز عليه لتلميع صورته.
التخوف مشروع طالما أن كرة القدم تحمل معها الكثير من المفاجآت، ولنا في بداية « كان » كوت ديفوار خير مثل، لكن الثقة في الأسود لم ولن تهتز، نظرا للجدية التي يتعامل بها لاعبو المنتخب الوطني.
إن تجشم الجمهور عناء السفر إلى كوت ديفوار، للوقوف إلى جانب المنتخب الوطني، خير دليل على أن التخوف لم يتحول إلى تشكيك، كما أن الوضع الذي عاشته المملكة قبل انطلاق المباراة وبعدها تؤشر على أن الكل مستعد للفرح وتكرار الأجواء الجميلة التي طلعت حياتنا تزامنا مع المونديال الأخير.
حملت المباراة الأولى معها إشارات قوية، ففضلا عن كون المنتخب المغربي هو الوحيد من بين المنتخبات العربية الذي حقق الفوز في الجولة الأولى، فإنه بعث رسائل واضحة عن عزمه على الحفاظ على صورته المشرقة والمشرفة.
هكذا كانت البداية إذن، والآتي سيكون أفضل. إن الأمر لا يتعلق بمنتخب وطني فقط بل تلاحم كل مكونات المغرب، مغاربة الداخل ومغاربة العالم الذين أثبتوا ويثبون في كل المناسبات تعلقهم بالوطن، ويفضلون على منتخبات بلدان الإقامة. إن التنوع المغربي وغنى مكوناتنا، تثري على كل المجالات، وتلفت الانتباه، وتبقى الرياضة واجهة من الواجهات التي نعرض من خلالها فسيفساء النسيج المغربي الذي يثير استغراب العالم.
نعم، كانت البداية بإخراس الجزائري عادل عمروش، والحفاظ على النسق التصاعدي لأسود المونديال، والآتي أفضل، لنحافظ على تفاؤلنا.