أقول إن الأمر يتعلق بتخوف، وليس بالتشكيك في قدرة أسود الأطلس على إحراز ثاني لقب لـ« الكان »، بعد الذي أحرزه أسود الأطلس بقيادة العميد والنجم السابق أحمد فرس عام 1976 في إثيوبيا.
في نظري آن الأوان لنتسلح بالأمل، ونسيان سنوات وعقود الألم، التي تأرجحت بين الغياب عن النهائيات، والإخفاق في الذهاب بعيدا.
نعم علينا أن نشيع طاقة إيجابية في أوساط المحيط الأسري وبين المعارف، ونعد العدة للأفضل على غرار العمل المتواصل للعناصر الوطنية، التي تقدر المسؤولية الملقاة على عاتقها وتفرط في الكثير من أمور الحياة ليقتصر عملها على امتداد حوالي أسبوعين على التداريب والتركيز على المهمة الوطنية.
إنهم لا يختلفون عنا ولن يدخروا جهدا من أجل إسعادنا، ورفع الغبن عنا، فنحن ننتمي لبلد تمكن منتخبه الوطني من تسجيل حضور متميز على صعيد المونديال، فهو أول منتخب عربي وإفريقي تأهل للدور الثاني المونيال عام 1986، وبالأمس القريب أضحى أول منتخب عربي وإفريقي يلعب نصف نهائي مونديال قطر 2022. ونعبر باستمرار عن أسفنا للتواضع على صعيد الكان.
كلنا نمني النفس بإنجاز مهم «كان» كوت ديفوار 2024، وعلى هذا الأساس لم يذخر أي فرد الجهد في حدود مسؤوليته، وهذا في حد ذاته ينبغي أن يشكل دافعا جماعيا للتخلص من اليأس الذي يرافقنا قبل كل دورة من دورات الكان.
في نظري يعود اليأس إلى تكرار الإخفاقات، رغم توفر فرص لتحقيق إنجاز مهم، في بعض المشاركات لعل أبرزها عام 1988 عندما نظم المغرب الدورة 16 لهذه التظاهرة، وكان يعتمد على لاعبين رفعوا رؤوسنا عاليا في مونديال المكسيك عام 1986، لكن مع ذلك كان الإخفاق مصير الجيل الذي كان يدربه الراحل المهدي فاريا.
صحيح أن الكبوة كانت بفعل فاعل، وعبر المواطنون المغاربة عن غضبهم للإقصاء الممنهج بسبب تحيز الحكم، إذ عانى الأسود أمام الجمهور المغربي ظلما تحكيميا، وأبدى كل المغاربة تفهمهم للموقف، رغم صدمة الإخفاق.
مهما يكن فإن التاريخ لا يتذكر إلا من يتوجون بالألقاب، لذلك ظل اللاعبون من الأجيال المتوالية يمنون النفس بالتتويج قاريا، لكن يوفقوا في ذلك، ومن أبرز الفرص كان التأهل للنهائي عام 2004 ضد المنتخب التونسي في أرض الأخير، لكن الفوز كان من نصيب منتخب البلد المضيف.
الآن وبعد أن تغير جلد المنتخب الوطني ونفض عنه غبار التواضع، وتفتحت شهية اللاعبين والجماهير، بعد أن جرى إسماع صوت المغرب بقوة في مونديال قطر 2022 حيث لعب مباراة نصف النهائي ضد فرنسا، ولم يوفق في التأهل للنهائي، لكن احتلال المركز الرابع عالميا سارت وتسير بذكره الأجيال.
تأسيسا على التألق في المونديال، وفتح باب المنتخب الوطني أمام طاقات جديدة، تبرز التعدد المغربي، والانفتاح على الكفاءات المغربية من الداخل وفي كل أنحاء العالم، وبالنظر إلى الجو المثالي الذي يحيط بالمجموعة في الوقت الراهن، وأيضا، العوامل المساعدة والحوافز المعنوية علينا أن نتفاءل مع المنتخب الوطني لكرة القدم الذي يستعد لدورة كوت ديفوار، ويدخل المنافسة يوم الأربعاء المقبل.
صحيح أن التفاؤل حق مشروع لكل المنتخبات جماهيرها، لكن الإشارات التي يبعثها المنتخب يجعلنا أكثر تفاؤلا، ويدفعنا لنحلم بثاني لقب قاري، يعوضنا عن الإخفاقات السابقة ويشكل تعويضا للأجيال التي تعاقبت على المنتخب الوطني ولم يحالفها الحظ في معانقة اللقب لأسباب مختلفة.
أول الغيث التفاؤل، فهو الميزة التي ينبغي أن تطبع مختلف مجالات حياتنا، لأنه لا حياة بدون عمل، وبدون أمل، وبدون تفاؤل.
إنه علاجنا الجماعي لطرد الطاقة السلبية، وإشاعة الطاقة الإيجابية في كل البقاع، فليكن التفاؤل رفيقنا ونحن نعيش أجواء « الكان ».