بعد تحقيق مركز رابع تاريخي في مونديال 2022، وجب على لاعبي المغرب نقل تفوّقهم من المحفل العالمي إلى العرس القاري ووضع حدّ لانتظار دام 48 عاما للظفر بلقب ثان في منافسات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم.
تفتخر المملكة الواقعة في شمال أفريقيا بواحدة من أقوى البطولات في القارة السمراء وبانتشار نجومها في جميع أنحاء أوروبا، لكن منتخبها الوطني لا يحقق الآمال المعقودة عليه في النهائيات القارية، رغم الترسانة المهمة من النجوم الذين تزخر بهم صفوفه، ويبقى أفضل إنجاز له التتويج باللقب عام 1976 وحلوله وصيفا عام 2004.
ودخل « أسود الأطلس » تاريخ نهائيات كأس العالم عندما أصبحوا أول منتخب عربي وأفريقي يبلغ نصف النهائي، قبل أن يخسر أمام فرنسا وذلك بعد أن أطاح بمنتخبي إسبانيا والبرتغال المرشحين للمنافسة على اللقب.
ونجح مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي، الذي استلم منصبه قبل أشهر قليلة من انطلاق مونديال قطر، في بناء فريق قوي في جميع الخطوط؛ الحارس ياسين بونو (الهلال السعودي)، وخط الدفاع بقيادة رومان سايس (الشباب السعودي) وأشرف حكيمي (باريس سان جرمان)، وخط الوسط مع سفيان أمرابط (مانشستر يونايتد الإنجليزي) وعزّ الدين أوناحي (مرسيليا الفرنسي)، وخط الهجوم بقيادة يوسف النصيري (إشبيلية الإسباني) وحكيم زياش (قلعة سراي التركي).
ولم يبلغ المغرب نصف النهائي منذ خسر نهائي 2004 أمام تونس، رغم خوضه البطولة كلّ مرة بكتيبة محترفين. لكنّ الواقع الجديد يفرض على أسود الأطلس الزئير بقوّة قاريا. وقال مدرب المنتخب المصنف 13 عالميا « قلت للاعبي فريقي إننا لا نستطيع أن نكون ملوك العالم إذا لم نكن ملوك قارتنا. الجميع يريد التغلب على المغرب بعد نتائجنا في قطر ».
اللعنة القارية
مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي، الذي استلم منصبه قبل مونديال قطر، نجح في بناء فريق قوي في جميع الخطوط.
شدّد الركراكي الذي خسر نهائي نسخة 2004 في تونس أمام منتخب البلد المضيف، خلال إعلانه عن القائمة الرسمية المشاركة في كوت ديفوار، على أنه « كلما توالت اللعنة القارية ابتعدنا عن التاريخ الذي فزنا فيه باللقب »، في إشارة إلى عام 1976 في إثيوبيا عندما ظفر بلقبه الوحيد حتى الآن في العرس القاري، مضيفا « لكن ذلك ليس سببا للضغط على أنفسنا ».
وتحدّث الركراكي عن ضغط وضعه على نفسه عقب نهاية فعاليات كأس العالم في قطر مباشرة، عندما وضع حصيلة عرس عالمي أبلى فيه أسود الأطلس بلاء حسنا، بقوله إنه سيستقيل من منصبه إذا لم يفوزوا بلقب كأس الأمم الأفريقية في كوت ديفوار. أما الآن فإن المدير الفني الذي أسعد الصحافيين بصراحته خلال المؤتمرات الصحفية في كأس العالم أصبح أقل صرامة.
وهذه المرة يصل المنتخب إلى النهائيات وهو المرشح الأوفر حظًا للتتويج باللقب، حتى لو أعلن المدرب « نحن ذاهبون إلى هناك للعب كرة القدم الخاصة بنا، لتقديم أقصى ما لدينا، وقبل كل شيء حتى لا نشعر بأي ندم ».
وأكد الركراكي « المهم هو الروح المعنوية، يجب أن نذهب إلى هناك بثقة كاملة للتغلّب على لعنة كأس أمم أفريقيا ».
ومن أجل محو جميع الذكريات السيئة يعتمد الركراكي على الفريق ذاته الذي تألق في قطر وأصبح أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ دور الأربعة، مع عموده الفقري المكوّن من حارس المرمى ياسين بونو وأشرف حكيمي ورومان سايس وسفيان أمرابط وحكيم زياش ويوسف النصيري.
حتى أنه عزّز المنافسة باستدعاء لاعب وسط مرسيليا الفرنسي أمين حارث الذي غاب عن مونديال قطر بسبب إصابة خطيرة في ركبته قبل وقت قصير من بدايته، واستعان ببعض لاعبي المنتخب الأولمبي مثل إسماعيل صيباري (أيندهوفن الهولندي) وشادي رياض (ريال بيتيس الإسباني) وأمير ريتشاردسون (رينس الفرنسي) وأسامة العزوزي (بولونيا الإيطالي).
ويعتقد الركراكي أنه « لدينا توازن جيد بين الحاضر والمستقبل ». وتوّج صيباري ورياض وريتشاردسون والعزوزي، إلى جانب عبدالصمد الزلزولي (ريال بيتيس) وبلال الخنوس (غنك البلجيكي)، بأوّل لقب للمغرب في كأس الأمم الأفريقية للمنتخبات الأولمبية عام 2023، وأظهروا لكبارهم كيفية كسر اللعنة.
منافسة شرسة
شاركت جمهورية الكونغو الديمقراطية الملقبة بـ« الفهود » 19 مرة، وتوّجت مرتين في 1968 تحت مسمى كونغو كينشاسا و1974 تحت مسمى زائير.
وغاب الفهود عن النسخة الماضية بعد أربع مشاركات متتالية، علما أنهم حلّوا ثالثين في 2015.
ويعتمد الفرنسي سيباستيان دوسابر الذي يفضل الالتزام الدفاعي على مجموعة من المحترفين أبرزهم المدافع شانسيل مبيمبا (مرسيليا الفرنسي) والمدافع جيديون كالولو (لوريان الفرنسي) والمدافع سيدريك باكامبو (قلعة سراي التركي) ولاعب الوسط يوان ويسا (برنتفورد الإنجليزي) والمهاجم سيلاس كاتومبا مفومبا (شتوتغارت الألماني).
ويعود منتخب زامبيا الملقب بـ »الرصاصات النحاسية » إلى المشاركة بعد غياب استمر خلال النسخ الثلاث الماضية. وبعدما فجرت زامبيا مفاجأة كبيرة وتوجت ببطولة 2012 خرجت من الدور الأول في 2013 دون تحقيق فوز واحد وواصلت الظهور المخيّب للآمال بتذيل مجموعتها في 2015 أيضا من دون تحقيق أي فوز.
ويعتمد الإسرائيلي أفرام غرانت على فريق شاب معظمه من المحترفين في دوريات أوروبية على غرار المهاجم باتسون داكا (ليستر سيتي الإنجليزي) والظهير لوبامبو موسوندا (سيلكيبورغ الدنماركي).
وشكلت تسعينات القرن الماضي الفترة الذهبية لزامبيا، إذ حلّت ثانية في 1994 وثالثة في 1990 و1996.
ويتوقع أنّ يكون لقاء زامبيا والكونغو محوريا في حسم الوصافة في مجموعة يتوقع أن يتصدرها منطقياً المغرب.
وشارك منتخب تنزانيا، الملقب بـ »نجوم الأمة » مرتين فقط في 1980 و2019، من دون أن ينجح في تحقيق الفوز.
وتأهلت تنزانيا بشق الأنفس بعدما حلّت ثانية بفارق نقطة عن أوغندا في مجموعة ضمت أيضا الجزائر والنيجر. ويقود الجزائري عادل عمروش الجهاز الفني منذ مارس 2023.
وسيكون حصوله على المركز الثالث نتيجة مميزة خصوصا مع شراسة المنافسة في مواجهة الكونغو الديمقراطية وزامبيا.