كأس إفريقيا 2025: كيف تعيد الشراكة بين الكاف وسوبر سبور ترتيب حقوق البث الإعلامي؟

كيف تعيد الشراكة بين الكاف وسوبر سبور ترتيب حقوق البث الإعلامي؟

في 11/11/2025 على الساعة 07:00

أمام الصعوبات التي واجهتها شركة البث الأصلية في الوفاء بالتزاماتها، اتخذ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) خطوة استراتيجية هامة بمنحه حقوق البث التلفزيوني لكأس الأمم الإفريقية 2025 إلى سوبر سبور (SuperSport)، مما يضمن تغطية إعلامية واسعة لهذا الحدث البارز.

في بيان صحفي صدر عن الكاف يوم 7 نونبر 2025، أعلن عن توقيع شراكة بين الكاف وعملاق الإعلام الإفريقي سوبر سبور لكأس الأمم الإفريقية المغرب 2025. ويعد هذا الاتفاق بالغة الأهمية لضمان بث الحدث في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء، لا سيما بعدة لغات، بهدف أن يكون لهذا الحدث إشعاع دولي. وقِعت الشراكة في جوهانسبرغ بحضور مسؤولين من الكاف وشبكة سوبر سبور، مما يسلط الضوء على الرغبة في تحديث بث كأس الأمم الإفريقية المقامة في المغرب عام 2025.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإعلان ليس مجرد إجراء شكلي، بل يكشف عن إعادة هيكلة استراتيجية ذات آثار اقتصادية عميقة على منظومة كرة القدم الإفريقية بأكملها، وذلك في ظل إخفاقات فادحة من قبل شركة البث الرئيسية السابقة، مجموعة نيو وورلد تي في الطوغولية (New World TV)، التي كانت تمتلك حقوق بث مسابقات الكاف حتى دجنبر 2025.

فهل يفسر هذا التغيير بإخفاقات نيو وورلد تي في خلال عام 2025، وعدم قدرتها على بث بعض المباريات الرئيسية في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025، بالإضافة إلى الأزمة المالية مع الكاف؟

في نونبر 2023، وقعت نيو وورلد تي في شراكة حصرية لمدة ثلاث سنوات (2023-2025) مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، تغطي 46 دولة إفريقية جنوب الصحراء لبث 13 بطولة، بما في ذلك كأس الأمم الإفريقية 2023 و2025. جعل هذا العقد الطموح من نيو وورلد تي في «الجهة الرئيسية للبث» ووكيل الكاف لحقوق البث التلفزيوني المجاني والمدفوع.

وبموجب هذه الصفقة، التزمت نيو وورلد تي في بدفع مبالغ كبيرة للكاف (حوالي 32.5 مليون دولار لحقوق البث التلفزيوني المدفوع و38 مليون دولار للبث المجاني)، إلا أن القناة واجهت منذ ذلك الحين صعوبات مالية كبيرة وتأخيرات في السداد.

إن عدم قدرة الشركة على بث مباريات رئيسية في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025 خرقا لالتزاماتها التعاقدية، مما يمنح الكاف أساسا قانونيا قويا لمراجعة هذا الاتفاق أو حتى إنهائه كليا أو جزئيا.

ويؤكد الإعلان المفاجئ عن الشراكة مع سوبر سبور، خلال الفترة التي كان من المفترض أن تمارس فيها نيو وورلد تي في حقوقها الحصرية، يؤكد على حدوث قطيعة أو إعادة تفاوض جذرية على هذا العقد. وقد تحرك الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لتأمين بث بطولته الرئيسية، وهي أهم أصوله الإعلامية والاقتصادية.

وتظهر كل هذه الوقائع أن فشل نيو وورلد تي في في الوفاء بالتزاماتها المالية أدى إلى ضغوط من الكاف ودفع إلى شراكة إعلامية جديدة مع سوبر سبور لضمان تغطية موثوقة وواسعة النطاق لكأس إفريقيا 2025.

وبالتالي، يبدو أن هذا الاتفاق الجديد مع سوبر سبور هو نتيجة مباشرة للصعوبات التشغيلية التي واجهتها نيو وورلد تي في، حيث يسعى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم إلى تأمين بث بطولته الرئيسية.

إن حصول سوبر سبور على حقوق البث ليس عاديا. فالإعلان يسلط الضوء على الحضور المشترك لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم باتريس موتسيبي ورئيس كنال-بلوس أفريكا كالفو ماويلا والرئيس التنفيذي للشركة ديفيد مينيو. وصرح هذا الأخير قائلا: «لقد أتاح اندماجنا الأخير مع مجموعة «MultiChoice» فرصا جديدة وقدم مزايا عديدة لزبنائنا. وتجسد بطولة كأس الأمم الأفريقية المغرب 2025 هذا الطموح: لقد جمعنا خبراتنا لتقديم تغطية غير مسبوقة وتقريب الجماهير من اللعبة».

هذه النقطة بالغة الأهمية. في الواقع، أدى اندماج كنال-بلوس أفريكا ومولتي تشويس (MultiChoice) إلى إنشاء عملاق إعلامي إفريقي يتمتع بقدرات تقنية ومالية وتوزيعية لا مثيل لها في القارة. هذا يعني أن سوبر سبور لا تعمل بمفردها، بل هي الذراع لهذا الكيان المدمج حديثا.

تتناقض هذه القوة التشغيلية والمالية بشكل كبير مع عيوب نيو وورلد تي في، حيث توفر للكاف شريكا أكثر موثوقية وقدرة على ضمان تغطية عالمية لهذا الحدث الكروي الكبير.

بالنسبة للكاف، تضمن هذه الشراكة بث أكثر أحداثه ربحية مع جهة بث معروفة بقوتها التقنية، مما يقلل من خطر انقطاع البث. من الناحية المالية، ورغم عدم الكشف عن الشروط، من المتوقع أن تضمن الشراكة مع شركة مثل سوبر سبور مداخيل كبيرة، ربما تتجاوز ما يمكن أن تقدمه أو تضمنه الشراكة مع نيو وورلد تي في. كما أنها تنوع مشهد بث التلفزيون المدفوع في البلدان الناطقة بالإنجليزية/البلدان المحلية في إفريقيا جنوب الصحراء، مما يقلل من اعتمادها على شريك إقليمي واحد.

بالنسبة لسوبر سبور وكنال-بلوس أفريكا ومولتي تشويس، يغزز هذا الاتفاق بشكل كبير مكانتها المهيمنة في سوق البث الرياضي المتميز في أفريقيا جنوب الصحراء. ويعد الحصول على الحقوق الرئيسية لكأس الأمم الإفريقية 2025، وهو حدث رياضي هام، ميزة بالغة الأهمية للاحتفاظ بالمشتركين الحاليين، وجذب مشتركين جدد، وتبرير أسعارهم. كما تعزز حجتهم بتقديم «تغطية غير مسبوقة». إنه انتصار استراتيجي في حروب المحتوى.

أما بالنسبة لنيو وورلد تي في الطوغولية، فيعد هذا الأمر انتكاسة وفقدانا للمصداقية. فخسارة الحقوق الرئيسية لكأس الأمم الأفريقية 2025، التي كانت تمتلك حقوقها التعاقدية الحصرية في البداية، بسبب عيوب تشغيلية، تمثل ضربة قوية لها. كما يسائل نموذجها الاقتصادي، القائم على الحقوق الحصرية للكاف. وقد يعرض دورها كوكيل لحقوق البث المجاني للخطر أيضا.

وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقيات البث التلفزيوني التي وقعها الكاف في يناير 2024، قبل انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية في ساحل العاج 2023، قد أكدت أهمية 45 جهة بث تلفزيوني مجانية، بما في ذلك إذاعة «RFI» وإذاعة «RMC» في فرنسا، وسكاي وبي بي سي في المملكة المتحدة، وراديو بي بي سي في أفريقيا، لتحقيق تغطية واسعة النطاق (180 دولة).

يهم الدور الجديد لسوبر سبور بشكل أساسي حقوق التلفزيون المدفوع باللغة الإنجليزية واللغات المحلية. والسؤال المهم المطروح هو: من سيدير الآن تراخيص التلفزيون المدفوع في إفريقيا جنوب الصحراء: هل تمتلك سوبر سبور أيضا هذه الصلاحية، أم أن الكاف ستتولى هذا الدور مباشرة بعد المشاكل مع نيو وورلد تي في؟ لا يزال استمرار توافر الولوج المجاني على نطاق واسع أمرا حيويا لضمان متابعة جماهيرية واسعة.

في البلدان التي تغطيها سوبر سبور، يستفيد المشاهدون نظريا من تحسين الموثوقية التقنية والإنتاج عالي المستوى. ومع ذلك، قد يؤدي هذا إلى تفاقم تجزئة الولوج حسب البلد ومقدم خدمة التلفزيون المدفوع. يجسد وعد سوبر سبور بالبث باللغات المحلية التزاما أوليا لنيو وورلد تي في، والذي يحتاج تحقيقه إلى التحقق منه.

بالنسبة للجهات الراعية مثل توتال إنرجيز، يعد تأمين حقوق البث مع شريك تقني موثوق خبرا سارا، إذ يضمن أقصى قدر من التغطية. تقدم قناة سوبر سبور « برعاية توتال إنرجيز »، منصة مميزة لاستثماراتها.

وهكذا، فإن شراكة الكاف مع سوبر سبور لكأس الأمم الإفريقية 2025 تتجاوز بكثير مجرد عقد بث. إنها نتيجة مباشرة لفشل نيو وورلد تي في في الوفاء بالتزاماتها، مما أجبر الكاف على اللجوء إلى المشغل الذي يتمتع بواحدة من أقوى القدرات التقنية والمالية في القارة، والتي تعززت أكثر بفضل اندماج كنال-بلوس ومولتي تشويس الأخير. يمثل هذا التغيير خطوة هامة في ترسيخ سوق الإعلام الرياضي المدفوع في أفريقيا جنوب الصحراء، لصالح العملاق المدمج.

بالنسبة للكاف، تمثل هذه العملية خطوة لضمان مداخيله وتغطية بطولته الرئيسية. بالنسبة للجماهير، يكمن الأمل في بث موثوق وعالي الجودة، إلا أن مسألة البث المجاني تتطلب توضيحا عاجلا. يظهر هذا التغيير في توزيع الأدوار تقلب سوق حقوق البث الإعلامي، والحاجة الملحة لأصحاب الحقوق، مثل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، لضمان الاستقرار التشغيلي لشركائهم في البث، خشية أن يعرضوا نموذجهم الاقتصادي وعلاقتهم مع جماهيرهم للخطر.

تحرير من طرف موديست كوامي
في 11/11/2025 على الساعة 07:00