في مقبرة الشهداء بالرباط، ووري جسد المهدي فاريا الثرى، وسط حشد كبير من الرياضيين والفنانين، وأصدقاء الراحل، اختيار مقبرة الشهداء لتكون مثواه الأخير لم يكن عبثا، بل هو تنفيذ لوصية فاريا، منذ أن عشق أرض هذا الوطن، وبات واحدا من أبنائه.
عاش المهدي فاريا آخر سنوات عمره وحيدا معزولا في بيته بالقنيطرة، اللهم زيارات بعض الأوفياء، خصوصا خليفة العبد ونور الدين البويحياوي، اللذان وجدا في المهدي الأب والصديق، بدليل تقدم المشيعين لهم بالعزاء كأنه اعتراف بوفاء الرجلين لروح الفقيد.
أجمع كل من حضر لجنازة اليوم، أن المهدي، حتى ولو عاش على الكفاف ونكران ذوي القربى في آخر سنوات عمره، فإنه لم يكن يقبل لنفسه أن تداس كرامته ويحط نفسه في موضع السائل، فالمهدي لم يكن يملك حتى الهاتف النقال، وعاش معزولا في قبر حياته بالقنيطرة، وحدهما البويحياوي وخليفة من ظلا بجانبه، أما دريهمات الجيش الملكي التي كان يتلقاها كمعاش فقد انقطعت بدورها، ليبقى فاريا رهينة لما تجود به أيدي رفاق الأمس.
من سخرية الأقدار، أن التكريم الذي طال انتظاره، منذ سنين، كان بمثابة نقطة النهاية لهذا المدرب، فمباشرة بعد أخذ جمعية قدماء لاعبي المنتخب لبادرة تكريمه ضد قدماء ريال مدريدي الإسباني، سلم الفقيد روحع لباريها، تاركا وراءه ذكرى طيبة ومناقب يعددها من عرف بقدر الرجل.
ضمن الحشود المشيعة لجنازته، ظهر علي الفاسي الفهري رئيس جامعة الكرة المنتهية ولايته، وبدت علامات التأثر واضحة على محياه، وسارع لأخذ مكانه ضمن الصفوف الأولى لجنازة فاريا.
أثناء تصريحهم لـLe360، أجمع كل المستوجوَبون من لاعبين وأصدقاء فاريا، على خصاله الحميدة، وحكوا عن ذكرياتهم رفقته، وكيف تحول جوزي ابن ريو دي جنيرو إلى المهدي المسلم، الذي أصر على الزواج بمغربية، فكانت ثمرة هذا الزواج ابنين يعتبران أنفسهما مغربيين من أبناء هذا الوطن.
وبمجرد وضع جثمان الراحل في قبره، مرت أمام أعين المشيعين كل لحظات الفرح التي صنعها المهدي رفقة أسود الأطلس، وكيف علا العلم الوطني في ملعب كوادالاخارا، لسان حالهم يعبر عن جزيل الشكر وكبير الامتنان لبرازيلي جرت في عروقه دماء مغربية.



