للحديث عن رياضة الملاكمة المغربية، لابد لنا أن نتوقف طويلا عند عائلة أرست دعائم الإبداع وأمتعت الجمهور المغربي، كيف لا وهي عائلة عشيق، العائلة التي أنجبت ملاكمين من الوزن الثقيل هما عبد الحق ومحمد.
الملاكم عبد الحق عشيق من مواليد 1959، الفائز بالميدالية البرونزية في الألعاب الأولمبية لسنة 1988 بسيول، في وزن الريشة، "54 كغ"، والمتحدر من عائلة فقيرة بالحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، يعد من الأبطال العصاميين الذين استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مكانا بين كبار هذه الرياضة على الصعيد العالمي.
رغم الظروف الصعبة التي عاشها، وغياب الإمكانيات المادية، تمكن عبد الحق من فرض وجوده والصعود إلى منصة التتويج بالألعاب الأولمبية في رياضة كانت حكرا على أبطال دول أوربا الشرقية وأمريكا.
وحول بداية قصته مع الملاكمة يقول عبد الحق لـLe360 :" الصدفة من قادتني إلى هذه الرياضة، فقد كنت في البداية لاعب كرة القدم في صفوف فرق الاتحاد البيضاوي"الطاس"، باعتبار أن كرة القدم، كانت هي الرياضة الأكثر انتشارا وقتها، بالإضافة إلى ظاهرة "الحلاقي" التي كان ينظم جلها بدرب مولاي الشريف بالحي المحمدي، وكان هناك ملاكم في حينا يسمى محمد حجي، الأخير من وضعني على سكة هذه الرياضة، وعلى يديه تعلمت أبجديات اللعبة، قبل أن أنكب بعدها على المشاركة في نزالات "الحلاقي"، وهكذا ومع توالي الأيام ازدادت علاقتي باللعبة، ونجحت في الانضمام إلى المنتخب الوطني والتتويج على المستوى الأولمبي".
وبعد اعتزال عبد الحق الممارسة، اشتغل في مجال التكوين بمدرسة العربي الزاولي، التي أنجبت العديد من الأبطال بينهم ثلاثة شاركون خلال دورة لندن، وملاكم شارك في دورة بكين، كما قام بتأطير أخي الأصغر محمد، الذي فاز بدوره بميدالية أولمبية. وحول اعتزاله يقول عبد الحق.
الأخ محمد من مواليد 1965، اقتدى بأخيه الأكبر عبد الحق، وسار على الدرب حتى توج بدوره بثاني ميدالية برونزية للمغرب، ولعائلة عشيق في رياضة الملاكمة في وزن الديك، "57 كغ"، وكان ذلك خلال الألعاب الأولمبية لسنة 1992 التي أقيمت بإسبانيا. وفيما يخص تسليم المشعل للأخ الأصغر يقول عبد الحق:
وإذا كان عبد الحق زاوج بين كرة القدم والملاكمة في فترة من الفترات، فإن محمد عشيق خلق من أجل أن يكون ملاكما محترفا، إذ بدأ الملاكمة منذ سن 12 بأحد أندية الحي المحمدي، وتتلمذ على يد أخيه الأكبر عبد الحق، قبل أن يواصل مسار تداريبه مع أستاذ أخيه الأكبر محمد الزروكي، الذي وعده بأن يجعل منه بطلا عالميا في الملاكمة.
وبدأ نجم محمد يلمع في سماء الملاكمة المغربية، بعدما فاز بأربع بطولات للمغرب سنوات 1987 و1999 و1991 و1992، ليتم استدعائه للمنتخب الوطني سنة 1987، والتتويج بالميدالية البرونزية في الألعاب الأولمبية الصيفية سنة 1992 التي احتضنتها إسبانيا.
عائلة عشيق، من بين العائلات الرياضية التي أرخت اسمها بحبر من ذهب في سجل تاريخ الرياضة المغربية.