الكرة والسياسة بالمغرب.. حكاية "زواج قسري"!

DR

في 08/02/2015 على الساعة 10:00

منذ فجر الاستقلال، لم يكن يُنظر لرياضة كرة القدم بالخصوص كمجرد لعبة، فلطالما شكلت هذه الرياضة، محور أجندات سياسية، جعلت كبار الساسة بالمغرب يحاولون وضع يدهم عليها، وهكذا بدأ تهافت الأحزاب السياسية، وكبار الشخصيات على الفرق الوطنية، من أجل استغلال شعبية هذه الرياضة، وجعل جمهورها كـ"خزان انتخابي".

بمجرد ما نال المغرب استقلاله في 1956، أعيد رسم خريطة طرة القدم الوطنية، فظهرت فرق واختفت أخرى، من بين الفرق التي "اختفت" كان هناك فريق الاتحاد الرياضي المغربي، الذي نال 16 بطولة في عهد الحماية، لكن ما إن أعلن الاستقلال حتى "ابتلعه" نادي الوداد الرياضي، الذي ارتبط اسمه ببعض رجالات المقاومة المغربية، وفي هذا الخضم، وبالضبط سنة 1958 سيظهر فريق بـ"قرار سياسي"، اسمه الجيش الملكي أريد له أن ينافس الوداد والرجاء، فعبدت له الطريق، اذ أسسه الراحل الحسن الثاني، ومنحه وضعا خاصا، إلى درجة أنه صعد مباشرة للقسم الأول دون أن يمر كغيره من الأقسام الدنيا، ولا عجب في ذلك، فعندما "تتزاوج" السياسة بالرياضة، فلا أحد يستطيع إيقافهما.

الجيش الملكي.. فريق "ذو حصانة"

حظي فريق الجيش الملكي برعاية خاصة، حيث ظل الفريق المدلل للراحل الحسن الثاني، الذي أراد أن يوحد المغاربة في عشق هذا الفريق، فسخرت له جميع الإمكانيات، وتحول في فترة الستينات إلى آلة لحصد البطولات، وتحول لعب نجوم البطولة به، حينذاك إلى ما يشبه "التجنيد الإجباري".

شكل فريق الجيش الملكي، وإلى حدود سنوات قليلة، ذلك "البعبع" الذي لا يجب الاقتراب منه، فلا الفريق ينظم جموعه العامة، ولا هو يعلن عن ميزانيته السنوية، ولا الجهاز الوصي على الرياضة طالبه بذلك، علما أن الرئيس الحالي للجيش الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان ترأس جامعة الكرة خلال 15 سنة، فتكرس هذا الوضع، إلى أن ارتفعت أصوات بحل هذا الفريق، أو على الأقل جعله يمثل المغرب في البطولات العسكرية لا غير.

الرجاء البيضاوي.. حديقة الاتحاد الدستوري الخلفية

منذ تأسيس فريق الرجاء البيضاوي سنة 1949، ارتبط اسمه بمعترك السياسة، بداية مع مؤسسيه الذين كانو ينتمون إلى الاتحاد المغربي للشغل، كالمحجوب بن الصديق، لتتناوب على الفريق أسماء سياسية، تنتمي بالخصوص إلى حزب الاتحاد الدستوري، كالمعطي بوعبيد الوزير الأول السابق، وزميله في الحزب عبد اللطيف السملالي وزير الشباب والرياضة السابق، وأسماء سياسية أخرى كعبد الواحد معاش عن حزب الشورى والاستقلال، لكن ظل الحزب مرتبطا بالخصوص بالاتحاد الدستوري، ولا تزال أواصر الاترابط بادية إلى اليوم، حيث يحمل فريق الرجاء فرع كرة السلة علامة إشهارية باسم جريدة رسالة الأمة، التابعة لحزب الحصان.

اليوم، وإن كان الفريق يعلن تبرأه من أي انتكاء سياسي، إلا أنه لا يخفى على أحد وجود منخرطين ينتمون إلى أحزاب سياسية معروفة، كحال احمد بريجة رئيس مقاطعة سيدي من المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة، والذي لا يزال منخرطا بالنادي، وكان عوضا في المكتب السابق.

الوداد.. وجهة الجرار الجديدة

إذا كان نادي الوداد البيضاوي، قد ظل لمدة طويلة بمنأى عن الأحزاب السياسية، فإنه اسمه ارتبط برجال نافذين، وشخصيات عرجت على معترك السياسة فيما بعد.

يدين الفريق الأحمر بشكل كبير لأبرز رئيس مر في تاريخه، الحديث عن عبد الرزاق مكوار ، سفير المغرب بهولندا سابقا، الذي تقلد طويلا منصب المسؤولية في النادي.

ومنذ أواخر التسعينات سعى العديد من رجال السياسة، إلى استغلال اسم النادي الأحمر وقاعدته الجماهيرية للوصول إلى كراسي الانتخابات، فكانت البداية من نصر الدين الدوبلالي، الذي كان نرشحا باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي سابقا، وانتهاء بالمكتب الحالي الذي يرأسه سعيد الناصري البرلماني عن الأصالة والمعاصرة، بالإضافة إلى أعضاء من الحزب وجدوا لهم مكانا في الفريق، كصلاح الدين أبو الغالي.

وقبل أن ينال الناصيري الرئاسة، كان في صراع مع ادريس الشرايبي عن التجمع الوطني للأحرار، حيث تحول سباق الرئاسة إلى سباق بين حزبين حسم للجرار في النهاية.

بين الماضي والحاضر

وبعيدا عن أكبر ثلاث أندية مغربية، لم تستثن السياسة باقي الفرق المغربية، إذ يبدو حاليا حزب الأصالة والمعاصرة أكثر الأحزاب حضورا في الساحة الكروية، اذ نجده في اتحاد كنجة من خلال نائب الرئيس فؤاد العماري، الذي يراس عماة المدينة، إلى جانب شباب الريف الحسمي، الذي نجد رئيسه الشرفي هو شقيق فؤاد العماري، إلياس العماري، نائب الأامين العام لحزب "البام".

وبالعودة إلى تاريخ الأندية المغربية، فطالما وجدنا أسماء وازنة وراء تألق بعض الفرق الصغيرة أو المتوسطة، فبرز اتحاد سيدي قاسم ابان تواجد الجنرال محمد الدليمي، فيما يحن نادي نهضة سطات إلى أيام وزير الداخلية السابق ادريس البصري، بينما عاش الكوكب المراكشي أزهى أيامه تحت رئاسة محمد المديوري، الحارس الشخصي السابق للحسن الثاني.

ولئن برزت سطوة الأحزاب السياسية من جديد على الكرة المغربية، فإن العديد من المتابعين، يربط هذه "الموضة" بقرب الانتخابات، من خلال اتطاء صهرة الرياضة الأكثر شعبية، للوصول إلى أكبر عدد من النالخبين المفترضين!

في 08/02/2015 على الساعة 10:00